نحو إسلام الرسول

(1130) 26/6/2018 «لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ مَا عَقَلُوهُ» – {7} «لماذا هَجَرَ المسلمون كلام الله واتبعوا كلام البشر»؟!

الدعارة دينًا

أنا لا أنكر «ما هو كائن» في حياة الشعوب، لأني شاهد عليه، ولكن عندما يصبح الكائن هو «ما يجب أن يكون» الذي أمر الله به، بدعوى أن هذه هي القراءة المعاصرة للقرآن، فهذا هو عين «المنكر» الذي يجب على كل من أسلم وجهه لله أن ينهى عنه.

وعندما يكون هذا المنكر متعلقًا بإباحة كشف العورات، وارتكاب فاحشة الزنا بشرط ألا يكون ذلك أمام الناس، وأن تكون المرأة غير متزوجة، فإذا حملت فهذا ذنبها عليها أن تتحمله.

إلى آخر القراءات الإباحية الإلحادية في أحكام القرآن، التي وجدت تشجيعًا وإعجابًا منقطع النظير، وخاصة بين النساء، الأمر الذي يوحي بانتشار «فيروس إلحادي» يمسك بقلوب المسلمين، ولا نملك أمامه إلا تحذيرهم منه، وبيان مصدره الشيطاني!!

لقد انطلق «محمد شحرور»، في قراءته للباس المرأة المؤمنة، من تحذير الله لبني آدم من فتنة الشيطان لأبويهم، وقوله تعالى في سورة الأعراف «الآية ٢٧»:

* «يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا..»

والسؤال:

لماذا اختار «شحرور» لباس آدم وزوجه ليقيم على أساسه فهمه لقوله تعالى:

* «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا»

* «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»؟!

والجواب:

لأن الهدف هو إباحة خروج النساء وتعاملهن مع الناس وهُنّ «عاريات»، باستثناء تغطية «الفرج والإليتين والثديين»، استنادًا إلى قراءة معاصرة للقرآن!!

أولًا:

لقد وجد «شحرور» عقبة أمامه في فهم قوله تعالى «لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا»، لأنه إن تعامل مع كلمة «السوأة» على أساس معناها الحقيقي سقطت قراءته الإلحادية للآية، إذن فماذا يفعل ليحافظ على إلحاده في هذه الآية؟!

يقول «شحرور» في كتابه «نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي، أسس تشريع الأحوال الشخصية، تحت عنوان اللباس»:

«لأننا افترضنا في اللباس أن آدم وزوجه كانا عريين في الجنة قبل وسوسة الشيطان..، فإذا فهمنا السوأة بمعنى الفرج عند الرجل والمرأة على الحقيقة، حقّ لمعترض أن يقول:

لكن الفروج كانت موجودة ومكشوفة قبل المعصية، ولم يكن في انكشافها ما يسيء…، ولا يتفق هذا ما كونهما عاريين قبلها إلا إذا اعتمدنا الجانب المجازي للفظ»

وهذا هو عين «المنهج العشوائي» الذي دائما أحدثكم عنه، والذي لا يعرف «محمد شحرور» غيره، فانظروا ماذا قال بعدها استنادًا إلى مرجعيته «الروائية السُنْيّة»:

«فكما ذهب ابن عباس وقتادة إلى تعريف لباس التقوى بأنه العمل الصالح، نذهب إلى تعريف السوأة بأنها العمل الطالح الذي يسيء إلى المرء انكشافه»!!

ثانيًا:

لقد أصبح معنى «السوأة» معنوياً «عملًا طالحًا»، وليس حسيًا «فرجًا»، فواجهته إشكالية أكبر من إشكالية «المجاز» فقال:

«إذا اعتبرنا اللباس مجازًا، والسوأة مجازًا، فلماذا طفق آدم وزوجه يخصفان عليهما من ورق الجنة، وهذه صورة حقيقية لا مجاز فيها»؟!

فماذا فعل «شحرور» ليخرج من هذه «الأزمة اللغوية» التي وضع نفسه فيها؟!

كتب موضوعًا إنشائيًا مطولًا مملًا لا علاقة له مطلقًا بأصل القضية، «لباس المرأة وزينتها»، وتكلم عن بدعة وجود بشر على الأرض قبل آدم، وأن آدم كان أول مخلوق تأنس ضمن مجموعة حيوانية هي البشر، لم يكن بينهم شيء مستهجن أو عورة، لأنهم كانوا «عرايا»!!

ولذلك فإن السؤال الذي سيفرض نفسه، والذي تسقط إجابته كل ما كتبه وقاله عن «لباس المرأة وزينتها»، هو:

من أي مصدر معرفي عرف «شحرور» أن المكان الذي كان يسكنه آدم وزوجه، والذي وصفه الله بـ «الجنة»، كان على هذه الأرض التي نعيش عليها، والتي قام علماء الحفريات بأبحاثهم عليها، ثم لم يتفقوا إلى يومنا هذا على صحة «نظرية التطور»؟!

ثالثًا:

لقد خلق الله تعالى آدم وزوجه من أول «عقلاء»، يحمل قلبيهما «آليات عمل القلب»، آليات التعقل والتفكر …، وعندهما الوعي الكامل والقدرة على إدراك المعاصي..، وإلا ما كلفهما الله بشريعة، وما نهاهما عن الاقتراب من الشجرة:

* «أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ»؟!

وما ترتب على عصيانهما «ذنب» استوجب التوبة:

* «قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ»؟!

إذن فمن أين جاء «شحرور» بأنهما كانا ضمن مجموعة حيوانية، لم يكن بينهم شيء مستهجن أو عورة، لأنهم جميعًا كانوا «عرايا»؟!

وهل سأل نفسه لماذا حذر الله بني آدم من فتنة الشيطان، في «الآية ٢٧» من سورة الأعراف، التي انطلق منها في قراءته للباس المرأة المؤمنة؟!

وهل يعلم علاقة هذه الآية بالآية التي قبلها، وقول الله تعالى:

* «يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ»؟!

إن الله تعالى عندما خاطب بني آدم بقوله:

* «يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ»

بيّن بعدها ما هي «الفتنة الشيطانية» الذي يريد «محمد شحرور» أن يوقع النساء فيها اليوم باسم «القراءة القرآنية المعاصرة»، فتدبروا قوله تعالى:

* «يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا»

ولقد عطف الله تعالى «وَرِيشًا» على «اللباس» في قوله تعالى:

«يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً..»

وهو ما يُسمى عطف الصفات، لبيان أن لباس آدم وزوجه كان يتصف بشيئين:

١- تغطية السوأة «لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ»

٢- تغطية ما يغطيه ريش الطائر من جسمه، «وَرِيشًا»، فلا يظهر منه إلا «الوجه» و«الرجلين».

رابعًا:

ويقول «محمد شحرور» تحت عنوان «خطأ الموروث حول لباس المرأة»:

«حتى نفهم آيتي النور والأحزاب فهمًا صحيحًا علينا أن نفترض وجود امرأة عارية تمامًا تريد أن تدخل الإسلام، فماذا عليها أن تلبس؟!

والسؤال:

لماذا «عارية تماما»، فهل نزل القرآن يخاطب نساء «عاريات» يأمرهن بارتداء شيء لا يعرفونه اسمه «الجلباب»، وشيء لا يعلمونه اسمه «الخمار»؟!

أم نزل يأمرهن بإدناء «الجلباب» الذي يعرف النساء ما هو من قبل نزول القرآن، وبضرب «الخمار» الذي يعلمن ما هو من قبل نزول القرآن، وما هو «جيبها» وأين يوجد؟!

ولذلك لم يكن غريبًا ولا شاذًا أن يسوّد «محمد شحرور» بقراءاته الإلحادية المعاصرة صفحات كتبه، وهواء الفضاء الخارجي، بنتيجة هذه القراءات حيث قال:

«ومن هنا نخلص إلى أن سورة النور جاءت بفرض اللباس، أي حددت تماما ما يجب تغطيته، وهو «الفرج»، و«الإليتين» بالنسبة إلى الرجل (مايوه سباحة)، والفرج والإليتين والثديين بالنسبة إلى المرأة (أي إضافة حمالة صدر)»

ويعتبر «شحرور» أن هذا هو «الحد الأدنى» للباس المرأة، ويتدرج حسب أعراف المجتمع، وحسب درجة الأذى الاجتماعي الذي يمكن أن تتعرض له المرأة، حتى يبلغ «حده الأعلى» بإظهار الوجه والكفين، فقال بعدها:

«وكل ما هو فوق ذلك يتبع للذوق الشخصي وأعراف المجتمعات، لذلك وردت آية لباس نساء النبي (الأحزاب ٥٩) بصيغة {يا أيها النبي}».

* عندما تكون «الدعارة» دينًا:

إن المرأة المؤمنة، التي أسلمت وجهها لله، وكانت تعيش في مجتمع لا يؤذيها إذا سارت بين أفراده بـ «المايوه البكيني»، فلا شيء عليها من حيث الشريعة الإلهية، وتصبح قضيتها مع «المجالس التشريعية والبرلمانات»، لأنها هي المسؤولة عن تشريعات «الحلال والحرام»!!

إنها حقًا قراءة إلحادية عالمية معاصرة

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى