نحو إسلام الرسول

(1116) 13/5/2018 عندما يُسْقِط «القسط والعدل» التعددية الزوجية «الشحرورية»

# لقد افترى «د.م. محمد شحرور» على الله الكذب، عندما ظن لجهله بأدوات تدبر القرآن، أن الأمر «فَانكِحُوا» في قوله تعالى:

«فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ»

يعني «فَانكِحُوا» أمهات اليتامى «الأرامل»، وذلك في حالة الخوف من القسط في اليتامى، ولم ينتبه إلى الفرق بين توجه «جملة فعل الشرط»:

* «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى»

التي حملت كلمة «الْيَتَامَى»

وتوجه «جملة جواب الشرط»:

* «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ»

التي حملت كلمة «النِّسَاءِ»، وليس «الْيَتَامَى»!!

# وافترى على الله الكذب عندما فهم قوله تعالى في سياق الحديث عن «يتامى النساء»:

«اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ»

فقال:

«والله تعالى أمر بإعفاء الرجل من المهر والصداق حين الزواج من أمهات اليتامى»!!

وقد بيّنت تهافت هذا «الفهم المعوج» في المنشور السابق.

# وافترى على الله الكذب عندما قال:

«لا يصح القول إن يتامى النساء هي النساء اليتيمات، واليتيم يسقط حكماً مع بلوغ سن النكاح»

وقد بيّنت في المنشورات السابقة تهافت قوله هذا، فصفة «اليُتم»، واسم «اليتيم»، لا علاقة لهما مطلقًا بحكم دفع أمواله إليه عند بلوغه سن النكاح، لأن هذه الصفة، من منطلق المعنى اللغوي لـ «اليُتم»، تظل مصاحبة له طوال حياته.

أما قوله:

«لا يصح القول إن يتامى النساء هي النساء اليتيمات»

فجاء أكثر تهافتًا، لأن سياق السورة يتحدث عن «أحكام النساء»، و«النساء» ينقسمن إلى «يتامى» و«غير يتامى»، فجاءت الإضافة في «يَتَامَى النِّسَاء» من باب إضافة «الخاص» إلى «العام».

ولذلك جاءت الضمائر في:

«تُؤْتُونَهُنَّ» – «كُتِبَ لَهُنَّ» – «تَنكِحُوهُنَّ»

عائدة على «يَتَامَى النِّسَاءِ» وليس على «أمهاتهن»

كما يدعي «الفيلسوف محمد شحرور»!!

أولًا:

إن استنباط أحكام القرآن «علمٌ»، له قواعده وأدواته، ولن نفهم القرآن بعلوم «اللغة العربية» وحدها، فهناك منظومة من الأدوات يجب أن تتفاعل وتتناغم مع «اللغة العربية»، وفي مقدمتها «منظومة التواصل المعرفي»، و«علم السياق القرآني».

ويعلم من له دراية بـ «علم السياق»، أنه لا يُشترط أن يأتي حكم مسألة من المسائل في سياق واحد، فقد تأتي الآية بجزء منه، يليه موضوع آخر، ثم يعود السياق إلى استكمال الحكم، كقوله تعالى في سياق بيان أحكام النساء:

* «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً..»

ثم جاء حكم من أحكام «الصلاة»:

* «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً..»

ثم عاد السياق إلى أحكام النساء:

* «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ..»

وهذا ما حدث مع أحكام «يَتَامَى النِّسَاءِ»

فإذا تدبرنا السورة من أولها، نجد أنه بعد دعوة الناس إلى تقوى الله، وبعد الحديث عن «أحكام النساء»، جاء ببيان أحوال الكافرين والمنافقين، ثم الحديث عن أهل الكتاب، ثم عند «الآية ١٢٧» عاد السياق إلى أحكام النساء.

ثانيًا:

فتعالوا نفهم قصة «الآية ١٢٧» من سورة النساء:

* «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ..»

إن سياق الآية يتحدث عن واقع «يَتَامَى النِّسَاءِ» الذي كان معروفا في الجاهلية، ويبدو أن من المسلمين من كانوا يتعاملون مع «يَتَامَى النِّسَاءِ» من منطلق هذا الواقع، الذي نزل القرآن بتصحيحه.

لقد كان المسلمون يتلاعبون بـ «أموال اليتامى» عامة، وكان هذا أول منكر نزل القرآن ينهاهم عنه، فقال تعالى «الآية ٢»:

* «وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً»

ثم نزل القرآن ينهاهم عن منكر آخر، لا يتعلق بـ «أموال اليتامى» وإنما بـ «اليتامى» أنفسهم.

فقد كانوا في الجاهلية يتزوجون «يَتَامَى النِّسَاءِ» لا رغبة فيهن وإنما في أموالهنّ، الأمر الذي كانت تضيع معه حقوقهن الزوجية والمالية.

فنزل القرآن يأمر المسلمين، في حالة عدم إعطاء «يَتَامَى النِّسَاءِ» حقوقهن الزوجية والمالية كاملة، بالابتعاد نهائيًا عن نكاحهن.

ثالثًا:

لقد جاءت «الآية ١٢٧» بيانًا لـ «الآية ٣» لتجيب على السؤال الذي سيفرض نفسه:

كيف تتعلق «جملة فعل الشرط»:

* «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى»

بـ «جملة جواب الشرط»:

* «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ..»؟!

إن «واو» العطف التي وردت في «وَإِنْ خِفْتُمْ»، تشير إلى علاقة الجملة بما قبلها، وهو قوله تعالى:

«وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ..»

إذن فموضوع «جملة فعل الشرط»:

* «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى»

خاص بنكاح «يَتَامَى النِّسَاءِ».

وهذا الخوف، وعلاقته بـ «القسط في اليتامى»، قد بينته «الآية ١٢٧»:

* «اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ»

ولنا وقفة مع جملة «وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ»:

إن مادة «رَغَبَ» إذا جاء بعدها حرف «في» تعني أحب:

ونقول «رغب في»

وإذا جاء بعدها حرف «عن» تعني كره:

ونقول «رغب عن»

فإذا نظرنا إلى قوله تعالى:

«وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ»

نجد غياب الحرفين «في» و«عن»، وذلك لبيان أن هناك ترددًا في نكاح «يَتَامَى النِّسَاءِ» بين «الحب»، و«الكره».

رابعًا:

فإذا ذهبنا إلى «جملة جواب الشرط»:

* «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ..»

وجدنا أن موضوعها لا يتعلق مطلقًا بنكاح «يَتَامَى النِّسَاءِ»، وإنما بنكاح «مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ» من غير «يَتَامَى النِّسَاءِ».

والمعنى:

إن أردتم نكاح «يَتَامَى النِّسَاءِ» وخفتم من ظلمهن فـ «لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ»، فابتعدوا نهائيًا عن نكاحهن، وانكحوا:

«مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ»

ونلاحظ أن الله تعالى عندما حذر من نكاح «يَتَامَى النِّسَاءِ»، وأمر بنكاح غيرهن، لم يأمر بنكاح «واحدة» وإنما بـ «مَثْنَى» ليصل إلى «رُبَاع» ثم جاءت «الواحدة» في حالة الخوف من عدم «العدل» إن أراد الرجل نكاح «مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ»

هذا إذا نظرنا إلى كل حالة وجدنا نساءهم «اثنتين اثنتين»…، كما نقول دخل التلاميذ الفصول «مَثْنَى مَثْنَى».

أما إذا نظرنا إلى «الأزواج» جميعًا حسب اختياراتهم، نقول وجدنا النساء في بيوتهم «مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ».

خامسًا:

إن استخدام السياق «الواو» الدالة على التفصيل، عند بيان عدد «الأزواج» المباح للرجل نكاحهن، فقال تعالى:

«مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ»

ولم يستخدم «أو» الدالة على التخيير، فقال:

«مَثْنَى أوَ ثُلاثَ أو رُبَاعَ»

لأن «واو التفصيل» جاءت لبيان أن للرجل أن يتزوج بامرأتين، فإن أراد الزواج بثالثة ورابعة يُباح له ذلك، أو أن يكتفي بـ «واحدة».

أما لو استخدم «أو التخيير» لاقتضى ذلك أن يختار الرجل من أول الأمر عددًا محددًا من «الأزواج»، ولا يجوز له أن يزيد عليه، فإما «مَثْنَى»، أو «ثُلاثَ»، أو «رُبَاعَ».

إذن فالمعنى العام للآية:

إن خفتم من نكاح الأربع، فـ «ثلاث»، وإن خفتم فـ «اثنتان»، وإن خفتم فـ «واحدة»: «ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا»

وأصل «العول» الميل، يُقال: عال الميزان عولًا، إذا مال، وعال الحاكم في حكمه إذا جار.

لذلك اختص اللفظ بـ «الميل» نحو الجور والظلم.

والمعنى: أن الاكتفاء بـ «امرأة واحدة»، لمن يخاف من «عدم العدل» بين أكثر من امرأة، هو أقرب شيء يحميه من الميل عن العدل الذي أمر الله به.

سادسًا:

ومن منطلق «العدل والقسط»:

إن «تعدد الأزواج» هو الأصل، ونكاح «الواحدة» هو الفرع المستثنى.
ويؤكد ذلك استخدام سياق الآية لكلمة «طاب»، في جملة:

«مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ»

إن قوله تعالى «مَا طَابَ»، وليس «مَن طَابَ»، يشير إلى أن الهدف من نكاح النساء يجب ألا يتعلق بـ «ذواتهن»، وإنما بـ «صفاتهن».

ولقد جاءت جملة «مَا طَابَ لَكُمْ» لبيان ذلك، أي بما «استطابت» نفوسكم وقلوبكم أيها الرجال، دون النظر إلى المسائل المادية، التي نهى الله من أجلها المسلمين عن نكاح «يَتَامَى النِّسَاءِ».

وأخيرًا

يقول أتباع «شحرور»:

إن السبب في هجومي الدائم عليه، هو الحقد الذي أكنه في نفسي تجاهه، بعد أن أصبح نجمًا عالميًا.

أقول: من هو «شحرور» حتى أحقد عليه أو «أغير» منه»؟!

إن منشورات الصفحة تشهد بمن هو «محمد مشتهري».

وإذا كان «شحرور» لم يستطع أن يُخَرّج من مدرسته من يستطيع أن يدافع عنه بـ «العلم»، إذن فما هي قيمته، وما هي قيمة المعجبين به، في ميزان «العلم»؟!

تفضلوا دافعوا عن شيخكم في افترائه الكذب على الله:

١- أين هو «أَمْرُ الله» الذي أعفى فيه الرجل من إعطاء «الأرملة» مهرها وصداقها؟!

٢- من أين جاء «شحرور» بأن معنى «تَنكِحُوهُنَّ» أي انكحوا «الأرامل» أمهات اليتامى؟!

٣- وأي «رجولة» هذه التي ذهبت تنكح «أم اليتامى»، بدعوى رعاية حقوق أولادها، ثم تحرمها في الوقت نفسه من حقوقها الزوجية والمالية؟!

٤- كيف تدّعون أنكم تدافعون عن «حقوق المرأة»، وتقبلون هذه الإهانة العظمى لها في شخص أم اليتامى «المسكينة»؟!

٥- أين «نسائكم» المعجبات المدافعات عن حقوق المرأة، من هذه الكارثة الإنسانية التي ينشرها شيخهم «شحرور» حول العالم، وهو لا يدري، ولا الحضور، ماذا يقول؟!

الحقيقة:

أنا لم أر لـ «شحرور» لقاءً في دولة من دول العالم، إلا وحمدت الله أن جاء اليوم الذي أشاهد فيه بنفسي فعالية قوله تعالى:

* «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ»

* «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا – وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا – وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا»

* «أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ»

* «أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ»

نعم «أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ»:

أجد فعاليتها وأنا أقرأ تعليقات المدافعين عن «شحرور»، التي تشهد بحجم المأساة «العلمية» التي يعيشون بداخلها!!

«انتهى»

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى