بالأمس لم تفهم «حنان عبد الحميد» سياق الحوار الذي تم على حساب الصديق «عوني الشريف»، كيف بدأ، ولماذا نَسَبْتُ المنشور إلى «رائد عكاري»، وقالت ما قالت في تعليقها.
ثم إذا بـ «رائد عكاري» يترك كل القذائف العلمية التي حملها منشوري في الرد على تعليقاته «هو»، وليس تعليقات «عوني الشريف»، والتي أصابته في مقتل، ويذهب يُعقب على تعليقها بما عقب، وقمت بنشر الرد عليه في ستة منشورات سابقة.
وعندما فشلت «حنان» في إيجاد ما تقوله تعليقًا على الستة منشورات السابقة، ذهبت إلى مسألة تتعلق بـ «الترادف»، واستقطعتها من سياقها، وقالت:
«يا أستاذ محمد المشتهري … أنت قلت إنك تعرف رائد عكاري جيدًا وعندك ملف له.. أي أنك تعرف كل صغيرة وكبيرة عن فكر الرجل … وقلت إنه يحارب علم الترادف … والرجل في الحقيقة من أكثر الناس مقالات في إثبات الترادف … وحوارات ومناظرات لمن يحمل الفكر المعاكس … يؤسفني أن أقول لك أستاذ محمد أنك حقا لا تعرف أستاذ رائد عكاري»
وعلى الفور قام «رائد عكاري» بالتعقيب فقال:
«هذا أكبر دليل على كذبه وتدليسه .. تحياتي»
أولًا:
لقد كنت أتحدث عن «ظاهرة الإلحاد»، بوجه عام، وبدأت كلامي بكلمة «هؤلاء»، ولم أقل إن رائد عكاري يحارب علم الترادف، وهذا نص ما قلته:
«وهؤلاء ينكرون الترادف في القرآن، ولأنهم ينكرون ما لا يعلمون…»
وهنا وقفة:
إن قولي «ينكرون ما لا يعلمون…» أقصد به «هؤلاء» الذين ينكرون «الترادف»، وهم في الحقيقة ينكرون «التباين» ويثبتون «الترادف»!!
وقد بيّنت الفرق بين الحالتين في منشور «٢٩-٤-٢٠١٨» بعنوان «الترادف وأزمة اللغة العربية».
ومن اطلاعي على ما ينشره «رائد عكاري» علمت أنه من الذين يخلطون بين «الترادف والتباين»، وظهر هذا الخلط في تعليقه الذي عَقّبت عليه، لذلك قلت:
«ولأنهم ينكرون ما لا يعلمون وقع صاحب المنشور في أخطاء منهجية كثيرة، منها أنه شهد بوجود ترادف في القرآن فقال:
«لقد أراد الله عز وجل أنْ يُخبرَنا بأن كتابَه هو الصلاة، وأنَّ تطبيقه والعمل بِهِ هو إقامة الصلاة، وأنَّ إقامة الصلاة هو إقامة الإصلاح»
وقلت:
والحقيقة أن ما اعتبره رائد عكاري «ترادفًا» ليس بترادف، وإنما هو «تباين» لأننا أمام ذوات مختلفة، ذات «الكتاب» وذات «الصلاة»، وذات «الإصلاح».
ثانيًا:
ينطلق «رائد عكاري» في قراءاته للقرآن مثل غيره من أصحاب القراءات المعاصرة «السُنّية»، الذين يشتركون جميعًا في:
# الانطلاق من قاعدة هدم تراث «أهل السنة والجماعة».
# غياب المنهجية العلمية وما تحمله من أدوات لفهم.
# الجهل بأصول البحث العلمي وكيفية عرض الأفكار.
# اتباع منهج الانتقاء العشوائي للآيات القرآنية.
# رفع راية «القرآن وكفى».
ولقد قمت بإسقاط هذه القراءات المعاصرة للقرآن في مئات المنشورات، ومنها ما يخص «رائد عكاري»، ولم أذكر اسمه لأنه «مغمورٌ»، وذكرت من برزت نجومهم في سماء الإلحاد.
ولذلك سأكتفي في هذا المنشور بالرد على ما جاء في فيديو «الصلاة» الذي طلب مني الرد عليه فقال:
# «أين ذكر الله تعالى في كتابه المُفصلّ تفصيل الخمس صلوات الحركية مع عدد ركعاتها وسجداتها وأوقاتها، والإبراهيمية والتحيات وآل محمد»
# «أرجوا الرد من داخل النص القرآني، وليس من خلال التواصل المعرفي والتواتر، عِلْماً أنَّ الله تعالى قال لنا في كتابه العظيم أن نتَّبع فقط كتابه، وأن لا نتَّبع تواتر الآباء وتواصلهم المعرفي»
# «ما وجدنا عليه آباءَنا = التواتر والتواصل المعرفي»
ثانيًا:
إن الذي يعلم ما هو مشروعي الفكري، والأصول التي قام عليها، ويقرأ التعليق السابق لـ «رائد عكاري»، يعلم حجم المأساة التي يعيش بداخلها هؤلاء «العشوائيون»!!
إن «رائد عكاري» يريد أن يحاورني وهو لا يعلم عن مشروعي الفكري شيئًا، ولا يعلم أني كافر أصلًا بـ «التواتر المذهبي»!!
كما لا يعلم أن الفرق بين «منظومة التواصل المعرفي» وبين «التواتر المذهبي»، كالفرق بين السماء والأرض!!
ولا يعلم أن حجية الصلوات الخمس عند «محمد السعيد مشتهري» لا تثبت بمرويات قصة «المعراج» التي لا أصل لها في القرآن، وإنما ثبتت بحجية «منظومة التواصل المعرفي» الحاكمة على فهم كل كلمة من كلمات القرآن.
فهل يوجد على وجه هذه الأرض من يستطيع فهم «كلمة» بأي لغة كانت، دون أن يكون قد سبق له مشاهدة «مُسمّاها» الموجود خارج ذات الكلمة؟!
إن «كلام الله» المدون في المصحف، يستحيل فهم كلمة واحدة منه، إلا إذا كان «مُسمّاها» له صورة ذهنية مطبوعة في القلب.
# هذه «الصورة الذهنية» التي انطبعت في قلوب شعوب العالم في سن الطفولة.
ثالثًا:
وحسب أصول البحث العلمي، كان على «رائد عكاري» أن يسأل نفسه، قبل أن يسجل كلمة واحدة بعد دراسته للقرآن، ويقول:
أين «مُسمّيات» كلمات القرآن، بداية بسورة الفاتحة وحتى سورة الناس؟!
هل هناك «كتالوج صور» ملحق بالقرآن يحمل صور «مُسمّيات» كلمات القرآن، فعرف «رائد عكاري» منه أن مسمى «الخنزير» الذي حرم الله أكل لحمه، هو هذا الحيوان الموجود خارج القرآن، والذي تعرفه شعوب العالم؟!
وهكذا كلمات القرآن «الأسماء – الأفعال – الأحرف» جميعها.
رابعًا:
يقول «رائد عكاري»:
لقد فَصّل الله لنا كل شيء، وأمرنا اتباع القرآن العظيم، فلماذا لم يذكر القرآن أي شيء عن الصلوات الخمس وعدد ركعاتها؟!
فيا أيها «الذكي»:
إن ما تظنه أنت «مفصلًا»، لمجرد وجود «آية» تُفَصّل ما أجملته «آية» أخرى، هو نتيجة طبع «مُسمّيات» كلمات الآيتين في قلبك، وذلك استنادًا إلى مصدر معرفي خارج القرآن!!
إنك إذا لم تر «الشمس» في حياتك، ولم تنطبع صورتها الذهنية في قلبك، يستحيل أن تفهم معنى جملة «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا»!!
# فأي «صلاة» هذه التي أجهدت نفسك في تسجيل سبع حلقات لبيان حقيقتها، مستخدما منهج «القص واللصق» لعشرات الآيات، وبدأت بسورة مريم؟!
فهل هؤلاء الناس الذين تخاطبهم يعلمون استحالة أن تشرح لهم كلمة واحدة من كلمات هذه الآيات، التي عرضتها في الفيديو، إلا إذا كان معنى هذه الكلمة مطبوعًا في قلبك، بفضل مصدر معرفي خارج القرآن، وبفضل ما تعلمته من بيئتك في طفولتك؟!
خامسًا:
استند «رائد عكاري» في بدعة «فهم معنى الصلاة من داخل القرآن»، إلى «منهجية هوائية»، لا علاقة لها بمنظومة «تدبر القرآن»، فقال:
بما أن دين الله واحد، تكون «الصلاة» واحدة لجميع الأنبياء والرسل، أي لجميع الأمم، استنادًا إلى ما ذكره الله عن أنبيائه ورسله «الآيات ١- ٥٨» من سور مريم.
وخرج من هذه الآيات بمعنى «الصلاة» التي أقامها جميع الأنبياء والرسل، وهي السجود لآيات الرحمن، أي السجود لكتاب الله، أي الخضوع لله.
فتعالوا نرى ماذا قال عند حديثه عن قوله تعالى:
«فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ..»
قال: إن الخلف هم الذين خلفوا الأنبياء والرسل، وورثوا الكتاب عبر الزمن، إلى حين نزول القرآن.
وعند حديثه عن «الآيات ٥٩-١٧٠» من سورة الأعراف، وإرسال الله للأنبياء والرسل، قال:
«وصولا إلى الذين ورثوا الكتاب من بعدهم، إلى حين نزول القرآن»
# أقول: وهذه حقيقة، ولكنه لم ينتبه إلى معنى قوله:
«إلى حين نزول القرآن»!!
وهذه هي إشكالية أصحاب القراءات القرآنية المعاصرة!!
إنهم يجهلون «علم السياق»، وحكمة ورود قصص الأنبياء في القرآن، وعلاقة ذلك بقوله تعالى:
* «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ»
* «فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ»
* «وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ»
ثم انظر ماذا قال الله بعدها لينسف كل ما قاله «رائد عكاري» في سبع حلقات عن «حقيقة الصلاة»:
* «لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً»
والشِرْعَة والشريعة: الديانة.
والمنهاج: طُرق فهم الديانة.
ثم تدبر القاصمة الثانية:
* «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..»
أي ولو شاء الله لجعل «الديانات واحدة»، ولكنها سنة «الاختيار» التي خلق الله الناس عليها:
* «وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ – فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ – إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً – فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ»
ولكن اقتضت مشيئة «رائد عكاري» أن تكون «الديانات واحدة»، وأن تكون «صلاة الأمم» كلها واحدة!!
سادسًا:
فتعالوا نرى معنى «الصلاة الواحدة»، التي أقامها جميع الأنبياء والرسل، حسب مشيئة «رائد عكاري»؟!
قال: إن «الآية ١٧٠» من سورة الأعراف:
* «وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ»
تحمل المعنى الحقيقي للصلاة وإقامتها، وذلك عن طريق الربط بين:
«التمسك بكتابه» – و«إقامة الصلاة» – و«الإصلاح»!!
والسؤال: كيف يتم ذلك؟!
قال:
١- بأن نجعل «الكتاب» هو «الصلاة».
٢- ونجعل تطبيق الكتاب والعمل به هو «إقامة الصلاة».
٣- ونجعل «إقامة الصلاة» هي «إقامة الإصلاح».
ثم إذا به يأتي بنفسه وبكامل إرادته، بالقاصمة الكبرى التي سأنهي بها هذا المنشور، ولن أكتب منشورًا عنه بعد ذلك، فقال:
وكأن الله عز وجل يريد أن يقول لنا:
* «وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ»
* «وَأَقَامُوا الْكِتَاب»
* «إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ»
ثم زاد الطين بلة عندما خرج بنتيجة وقال:
# إن «التمسك بكتاب الله» يكون بـ «إقامته»، أي بـ «العمل به»، الذي يؤدي بنا إلى «الإصلاح».
أقول:
إذن فإقامة الكتاب، والعمل به، يعني «التمسك بالكتاب»، في قوله تعالى:
«وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ»؟!
إذن فما معنى «وَأَقَامُوا الصَّلاةَ»؟!
قال «رائد عكاري»:
«وَأَقَامُوا الْكِتَاب»!!
سابعًا:
ثم خرج علينا بمعنى «الصلاة» التي أقامها النبي فقال:
١- إذن فإن صلاة محمد عليه السلام هي القرآن الكريم.
# أقول: إذن كل آية قرآنية، بما في ذلك آيات المنافقين، وعالم الغيب، وأحكام القتال، والمواريث … = صلاة.
أي في بيان أحكام الصلاة في حالة الحرب، وقوله تعالى لرسوله:
«وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ»
أي فأقمت لهم القرآن كله!!
٢- والصلاة التي أقامها محمد هي توصيل رسالة القرآن لقومه ولجميع الناس.
# أقول: إذن نحذف مادة «بلاغ» من السياق القرآني، ونضع مكانها «الصلاة»،
ونقول:
«وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الصلاة الْمُبِينة»!!
٣- وتطبيق جميع ما أمره الله به من آيات القرآن العظيم.
# أقول: إذن نُسمّي كل الأوامر «صلاة»، ونترك «النواهي»!!
هذا هو «رائد عكاري»!!
وهذا هو منهجه «العشوائي» في فهم القرآن!!
محمد السعيد مشتهري