نحو إسلام الرسول

(1101) 26/4/2018 استخف التابعين فـ «أطاعوه»، فقال لهم «لا ترادف في القرآن»!!

تكمن إشكالية «الترادف»، بين المثبتين والمنكرين، في الخلط بين «الأسماء» و«الصفات»، فتعالوا نُبيّن حقيقة هذه الإشكالية وأبعادها.

أولًا:

«القاعدة»، مع التبسيط الشديد:

عندما يكون عندنا «عدد من الكلمات»، تدل على «شيء واحد»، فهي «مترادفات»، فإذا نظرنا إلى معنى كل كلمة وجدنا «لا ترادف» بين المعاني.

بمعنى: عندما تتعدد «صفات» الذات الواحدة فإن «الكلمات» التي تحمل هذه الصفات «مترادفة»، أما «الصفات» ذاتها فليس بينها «ترادف»، ذلك أن كل «صفة» لها المعنى الخاص بها.

مثال:

فعندما نتدبر قوله تعالى: «وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»

فإن كلمة «غَفُورٌ» وكلمة «رَّحِيمٌ» صفتان لذات واحدة «الله عز وجل»، فهما «مترادفان» لاستحالة أن يكون لله ذاتين، ذات اسمها «الغفور»، وذات اسمها «الرحيم».

أما «المغفرة» فصفة يستحيل أن تترادف مع صفة «الرحمة»، لأنه «لا ترادف» بين الصفات.

ثانيًا:

تعالوا نتدبر الآيتين التاليتين:

قوله تعالى في سورة الحجر:

* «الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وقُرْآنٍ مُبِينٍ – رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ».

وقوله تعالى في سورة النمل:

* «طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وكِتَابٍ مُبِينٍ – هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ».

١- نجد أن «قُرْآن مُبِين»، التي وردت في سورة الحجر، عطف بيان لـ «الكتاب».

٢- وأن «كِتَابٍ مُبِينٍ»، التي وردت في سورة النمل، عطف بيان لـ «القرآن».

٣- قدّم «الكتاب»، في سورة الحجر، لأن السياق عن الكافرين:

«رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ»

و«الكافرون» يخاطبون بـ «الكتاب» لأنه الاسم الذي يعرفه أهل الكتب السابقة، لذلك جاءت كلمة «الكتاب» مُعرّفة، وجاءت كلمة «قرآن» بدون تعريف.

٤- أما في سورة النمل، فأراد بيان أن الدخول في «دين الإسلام» يستلزم الإيمان بـ «الآية العقلية القرآنية» التي حملها «الكتاب».

لذلك جاء بكلمة القرآن مُعرّفة «تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ»، والكتاب دون تعريف «وكِتَابٍ مُبِينٍ».

٥- إن اسم الإشارة «تِلْكَ» جاء يشير إلى «آيَاتُ الْكِتَابِ» كلها، وفي نفس الوقت يشير إلى «آيَاتُ الْقُرْآنِ» كلها.

٦- وفي ضوء ما سبق، تعالوا نتدبر قوله تعالى:

* «وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنْ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ»

إن «الآيات المبينات» المنزلة هي آيات «الكتاب المبين»، وهي نفسها آيات «القرآن المبين»، وقد شملت الموعظة الاثنين، فلا فرق بين الكتاب والقرآن من حيث أنهما صفتان لـ «الآيات المبينات».

ثالثًا:

عندما نتدبر الآيات التي ورد في سياقاتها جملة «كلام الله»:

* «وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ»

* «حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ»

* «يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ»

١- فهل المقصود بـ «كلام الله» آيات «الكتاب»، أم آيات «القرآن»، أم آيات
«الفرقان»..، حسب تقسيم إلحاد «شحرور» للتنزيل الحكيم؟!

٢- وهل عندما يقول الله تعالى:

* «وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ»

هل كان الكافرون يقصدون بـ «الذكر المنزل» آيات «الكتاب»، أم آيات «القرآن»، أم آيات «الفرقان»، حسب تقسيم إلحاد «شحرور» للتنزيل الحكيم، وأي منها التي تعهد الله بحفظها فقال تعالى:

«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»!؟

٣- وهل عندما يقول الله تعالى:

«رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»

هل هذه «الآيات المبينات»، التي ستخرج:

«الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»

هي آيات «الكتاب»، أم آيات «القرآن»، أم آيات «الفرقان»؟!

رابعًا:

لقد خاطب الله الناس جميعًا فقال تعالى:

* «وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ»

# فهل طلب الله منهم الإتيان بمثل:

آيات «الكتاب» أم بمثل آيات «القرآن» أم بمثل آيات «الفرقان»؟!

١- إن «الفرقان» صفة «التنزيل الحكيم» لجميع الرسالات الإلهية، والتي ختمها الله بـ «الكتاب» الحاوي لنصوص «الآية العقلية القرآنية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، من سورة الفاتحة إلى سورة الناس.

٢- إن «الفرقان» صفة «التنزيل الحكيم» التي تحمل «مادتها» التفريق بين شيئين:

* «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ..»

ويقول الله تعالى في بيان فعالية «التقوى» في التفريق بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال، بين الإيمان والكفر:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»

٣- ووصف الله كتابه الخاتم، الحاوي لنصوص «الآية العقلية القرآنية» بـ «الفرقان» فقال تعالى:

* «تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً»

٤- ووصف الله «التنزيل الحكيم» بـ «النور»، ليكون حجة على الناس جميعًا، فمن آمن دخل في رحمة الله وهداه صراطًا مستقيمًا:

* «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا»

خامسًا:

إن الله يخاطب «في كتابه الخاتم» الناس جميعًا، يدعوهم إلى الإيمان بـ «النور» الذي أنزله على رسوله محمد.

ونلاحظ أن المحور الأساس لسياق هذه الآية هو «النور المبين» المنزل، والذي جعله الله برهانا على صدق «نبوة» رسوله محمد.

١- ومن هذا المنطلق نفهم توجيه الضمائر في قوله تعالى بعدها:

«فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ – وَاعْتَصَمُوا بِهِ – فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ»

٢- فالجملة الأولى:

«فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ» تقابل «بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ».

٣- والجملة الثانية:

«وَاعْتَصَمُوا بِهِ» تقابل المحور الأساس في الآية وهو:

«وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا»

أي واعتصموا بهذا «النور المبين».

٤- فماذا تكون النتيجة؟!

«فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ – وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا»

وبناء عليه تعالوا نتدبر قول الله تعالى:

* «نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ … هُدًى لِلنَّاسِ … وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ..»

وقوله تعالى:

* «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ …. هُدًى لِلنَّاسِ … وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى … وَالْفُرْقَانِ..»

سادسًا:

إذن فـ «الكتاب» هدى للناس، و«القرآن» هدى للناس، و«الفرقان» هدى للناس، و«النور» هدى للناس، و«الذكر» هدى للناس..، وكلها «مترادفات» لشيء واحد هو:

«كلام الله – كتاب الله – الذكر الحكيم..»

# والذين يقولون لكم:

إن «الكتاب» غير «القرآن»، و«الذكر» غير «الكتاب»، و«الفرقان» غير «القرآن» …، إلى آخر هذا «العك الفكرى»، فقولوا لهم:

وأين نذهب بما سبق بيانه، والذي نضيف إليه «القاصمة الكبرى» وقوله تعالى:

* «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا .. بِـ الذِّكْرِ»

* «وَإِنَّهُ» .. (أي الذكر) …. لَـ «كِتَابٌ» … عَزِيزٌ»

* «لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ»

* «تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ»

إن أول كتاب كتبه «محمد شحرور»، كقاعدة انطلقت منها قراءاته الإلحادية للقرآن، هو «الكتاب والقرآن».

ولقد أسقطت هذا الكتاب من قواعده بعشرات المنشورات، فماذا بقي لـ «شحرور»، غير أنه مازال يستخف كل يوم بمساكين جدد، يفتنهم ببدعة «الكتاب» غير «القرآن»؟!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى