نحو إسلام الرسول

(1081) 7/4/2018 «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ»

يجب على متدبر القرآن، أن يكون على دراية بعلوم اللغة العربية، بصيرًا بأساليبها البيانية، لأنها اللغة التي اختارها الله لتكون لغة القرآن، لذلك فإن كل من تكلم في القرآن دون أن يكون عالمًا بفقه اللغة، فقد ضَلَّ، وأَضَلَّ المعجبين «ضَلالًا مُبِينًا».

أولًا:

عندما يصف الله كتابه بأنه نَزَلَ «تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ»، «وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ» ولا يجد الناس بداخله صورًا لـ «مًسمّيات» كلمات هذا الكتاب التي تعلّموها في المدارس الابتدائية، وقد وضع المدرس لهم على لوحة البيان «الكلمة» وأمامها صورتها «المسمى».

ثم يأتي أصحاب وأتباع بدعة «القرآن وكفى»، ويُصرّون على أن القرآن تبيانٌ لكل شيء، فإنهم ببدعتهم هذه يتهمون الله بأنه أنزل كتابًا يحمل «طلاسم»، ثم يطلب من الناس فك شفراتها، والعمل بها، وإلا أدخلهم «جهنم».

يا أيها «الجُهّال» أَفَلا تَعْقِلُونَ؟!

ثانيًا:

إن منطق «العقلاء» يقول: إذا كان نجوم القراءات المعاصرة والتنويرية قد كفروا بتراث الفرقة التي ولدوا فيها وبأئمتها، وينتقدونهم ويسخرون منهم ليل نهار.

كان يجب عليهم، «فرض عين»، أن يتعلموا اللغة التي فهم السلف بها القرآن، حتى يكون كفرهم بهم، وبتراثهم، قائمًا على أصول علمية وليس على «حكاوي القهاوي»!!

والحقيقة أني لم أجد من الذين يجلسون على «مقاهي» الشبكة، «يَحْكُون» للناس جهلهم وهوسهم الديني..، من كتب جملةً عربيةً صحيحة، يُفرّق فيها بين المبتدأ والخبر، بين الفاعل والمفعول، بين أساليب التحريم المتعددة … إلى آخر ما يُعرف من علوم اللغة!!

ولذلك لم يكن غريبًا أن نجد أصحاب «حكاوي القهاوي» يثيرون على مقاهي «الإنترنت» شبهات حول الله والنبوة والقرآن، وحول أحكام القرآن من صلاة وصيام وحج..، وحول أحكام النساء…، فإذا سألتهم:

ما الفرق بين «إنْ» و«أنْ» في السياق القرآني؟!

يستحيل أن تجد عندهم إجابة فورية، فيذهبون ويأتون بها من على «الشبكة»، ثم يضحكون على «الغلابة» ويقولون لهم إن القرآن تبيانٌ لكل شيء، وطبعا «الغلابة» معذورون لأنهم «غلابة»!!

مثال:

١- إذا كانت المرأة مع زوجها داخل البيت، ثم قال لها:

# أنت طالق «أنْ» دخلت البيت، تكون قد طُلّقت في الحال، لأنَّ المعنى: أنت طالق بدخولك البيت، وهي أصلا معه بداخله.

أمَّا إن قال لها:

# أنت طالق «إنْ» دخلت البيت، تصبح مطلقة إذا خرجت من البيت ثم دخلته.

هذا مثال لتوضيح الفرق اللغوي فقط، أما هذا الطلاق «المشروط» فلا يقع أصلًا.

٢- مثال من القرآن:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا..»

إن قوله تعالى: «إِذَا قُمْتُمْ» يعني إذا «أردتم»، فعبَّر بالفعل عن إرادة الفعل، كقوله تعالى «فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ..»، أي إذا أردت قراءة القرآن، هذا من حيث «اللغة»، أما من حيث «السياق» فنجد أن قوله تعالى:

* «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا…»

بيانٌ لجملة «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ..»، فهو يحمل ما يُعرف في علم السياق بـ «المفهوم الضمني» و«المحذوف المُقدّر» فيكون المعنى:

إذا قمتم إلى الصلاة، بعد نقض الوضوء بالنواقض المشار إليها في الآية، فأعيدوا الوضوء، وإلا كان على المصلي أن يتوضأ عند كل صلاة، سواء نقض أو لم ينقض وضوءه.

يا أيها «الجُهّال» أَفَلا تَعْقِلُونَ؟!

ثالثًا:

يأتي أحد نجوم التنوير، من أهل «السنة والجماعة»، أتباع ظاهرة الإلحاد الشحرورية «السُنّية»، ويقول:

ليس هناك نص يُحرّم إتيان المرأة في دبرها، والحلال والحرام يجب أن يكون بآية قرآنية، وإنما يمكننا أن نقول إن إتيان المرأة في دبرها شأن شخصي بين الرجل وزوجه، لا علاقة له بالدين!!

ولأن ظاهرة «الإلحاد الشحرورية» التي أحلت «التدخين» لعدم وجود آية قرآنية تحرمه، وقد قمت بإثبات كفر من يقول بذلك بنصوص قرآنية..، هي في الحقيقة ظاهرة لتغييب عقول المسلمين، نجد هذا التنويري يقول بعد فتواه هذه:

ولكن طبعا أمراض إتيان المرأة في دبرها كثيرة وخطيرة، وقد تؤدي إلى مرض الزهري والسيلان، وسرطان الشرج والإيدز وفيروسات الكبد بأنواعها…، إلى آخر ما ذكر!!

وهي نفس «العشوائية الإلحادية» التي تتميز بها القراءات المعاصرة والتنويرية:

لازم نأتي لهم بآية قرآنية تقول:

«إن التدخين كبيرة من كبائر الإثم»!!

لازم نأتي لهم بآية قرآنية تقول:

«إن إتيان النساء في أدبارهن كبيرة من كبائر الإثم»!!

لازم نأتي لهم بآية قرآنية تقول:

«إن فاحشة الزنا إذا كانت بين رجل وامرأة غير متزوجة، وبعيدا عن أعين الناس حرام»!!

يا أيها «الجُهّال» أَفَلا تَعْقِلُونَ؟!

رابعًا:

ولأنهم «جهلاء»، لا يعلمون شيئًا عن علوم اللغة العربية، ولا عن علم السياق، لم يفهموا بلاغة وبديع وإحكام قوله تعالى:

«نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ»

وهل «الدبر» مكان «حرث» وإنبات لـ «الولد»؟!

١- انظروا وتدبروا كيف هي تُصاغ الجمل القرآنية، وكيف تُنتقى كلماتها، خاصة عندما تتعلق الأحكام بمسائل العورات والعلاقات الجنسية.

وإن هذا «التشبيه» البليغ أهديه للملحدين الذين يكفرون بعلوم اللغة العربية، فقد شبه فرج المرأة بـ «الأرض»، والنطفة بـ «البذر»، والولد بـ «النبات»، ثم جاء بفعل الأمر الدال على الوجوب «فَأْتُوا».

٢- وليس المقصود بفعل الأمر «فَأْتُوا» وجوب إتيان النساء، لأن هذا أمر بدهي، وإنما وجوب إتيانهن في موضع «الحرث» الذي أمر الله به.

٣- لقد سمّى الله المرأة كلها حرث «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ، دون إشارة صريحة لموضع هذا الحرث «الفرج»، ليكون المقصود أن للحرث مقدمات، ثم بعدها الإتيان «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ».

٤- وقوله تعالى «أَنَّى شِئْتُمْ» يعني مطلق «الإتيان»، على جميع الوجوه، وفي جميع الأوقات، مع الالتزام بموضع «الحرث».

فبأي منطق، وفي أي شريعة، يمكن القول إن إتيان النساء في أدبارهن مسألة شخصية ترجع إلى الطرفين؟!

ولا في شريعة «حديقة الحيوانات»!!

إن إتيان النساء في أدبارهن كبيرة من كبائر الإثم، يجب أن يُعيد فاعلها دخول «دين الإسلام» من جديد، ولكن من بابه الصحيح، وليس من الباب الذي أفسد قلوبهم، وجعلهم يستحلون الحرام، ويُصرّون عليه، إلى يومنا هذا!!

وطبعا منه «التدخين»!!

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى