كان الناس أمة واحدة، على الحق، ففتنهم الشيطان، فاختلفوا، فأرسل الله النبيين، وأنزل معهم الكتاب، ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه. نتدبر الآيات التالية:
1- كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا [اخْتَلَفُوا فِيهِ] وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ [بَغْياً بَيْنَهُمْ] فَهَدَى اللَّهُ [الَّذِينَ آمَنُوا] لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) البقرة
2- وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً [فَاخْتَلَفُوا] وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس
3- وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ [الْكِتَابَ] إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي [اخْتَلَفُوا فِيهِ] وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) النحل
إن الله تعالى لم ينزل نصوص شريعة إلا ودوّنت في كتاب، وعندما اختلف أتباع الرسل السابقين لم يختلفوا إلا في الكتاب، وأرسل الله نبيه الخاتم بكتاب يُبيّن لأتباع الرسل السابقين ما اختلفوا فيه [الآية3]…، فلماذا لم يستطع كتاب النبي الخاتم توحيد المسلمين المختلفين المتخاصمين أمة واحدة؟!
أرى أن السبب هو [البغي بينهم]، والبغي، في اللسان العربي، له أكثر من معنى، والمعنى الذي يشير إليه السياق القرآني هو “التخاصم” القائم على تمسك كل صاحب مذهب بمذهبه، وكل منتمي لجماعة بجماعته، وكل عضو حزب بحزبه!! ولقد حذر القرآن أتباع النبي الخاتم محمد، عليه السلام، من أن يكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا…، تدبر قوله تعالى في سورة آل عمران:
“وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ [الْبَيِّنَاتُ] وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ [عَذَابٌ عَظِيمٌ]”.
فإذا كان واقع المسلمين يشهد باختلافهم وتفرقهم في الكتاب، أي في الدين، فهل يعلم الذين تفرقوا واختلفوا في الدين، من بعد ما جاءهم “البينات”، أي من بعد ما جاءتهم نصوص “الآية القرآنية” البيّنة، هل يعلمون أن مصيرهم الـ “العذاب العظيم” إن لم يتوبوا ويخلعوا ثوب “الفُرقة والمذهبية”، ويلتفوا حول كتاب الله تعالى؟!