لقد جاءت «الآية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، «آية عقلية قرآنية»، لتقتلع «الآبائية» من جذورها، وليقيم المرء إيمانه وإسلام وجهه لله،
ويدخل «دين الإسلام»، على أساس علمي سليم.
لقد جاءت «الآية» الدالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، «آية عقلية قرآنية» لتحرر الناس من أسر وسلطان «الآبائية».
فإذا بأصحاب القراءات المعاصرة والمستنيرة، يعيدون المسلمين إلى «جاهلية آبائهم»، ويُضيّعون حياتهم الفكرية في هدم «الوهابية»، وإثبات كفر «ابن تيمية»، والجهاد في سبيل تنقية مناهج المؤسسة الدينية التي ينتمون إليها بالوراثة «الأزهر»!!
ثم يخرج على «السُنّيين» فقيه «سني سلفي» ويقول لهم:
يا «أهل السنة والجماعة»، ها هي آراء أئمة مذاهبكم الفقهية، فاستفتوا قلوبكم، واختاروا منها ما يوافق هواكم!!
وعليه نسمع اليوم من يقولون «العقل يهدينا، والقلب يفتينا»، فإذا نظرنا إلى عقولهم وإلى قلوبهم وجدناها «هواءً»!!
أولًا:
ويخرج على «السُنّيين» مفكر «سني عصري» يقول لهم في كتابه «تجفيف منابع الإرهاب»، تحت عنوان: «المنهج المتبع لفهم التنزيل الحكيم»:
«المنهج، أي النظام المعرفي المتبع، الذي انطلقت منه في محاولة فهم التنزيل الحكيم، وإعادة تأسيس فقه إسلامي معاصر، يتلخص في نقاط أساسية نراها صالحة كمنطلق لقراءة ثانية للكتاب والسنة، على ألا ننسى أنها ليست القراءة الأخيرة، وإلا لوقعنا فيما وقع فيه السلف والسلفيون والآباء و«الآبائيّون».
ويقول «د. شحرور» تحت عنوان «أسس الفقه الإسلامي المعاصر» البند «١١» بعنوان «السنة النبوية»:
«السنة النبوية شيء، والسنّة الرسولية شيء آخر، فالسنّة الرسولية هي التي وجب إتباعها في حياة الرسول، وبعد مماته، وهو ما يميّز الرسالة المحمدية عن غيرها، وهي الشعائر، وهي ثابتة شكلاً ومحتوى على مرّ الزمان، ووصلتنا عن طريق التواتر الفعلي، ولا علاقة لها بكتب الحديث».
ثانيًا:
وأكرر، أنا عندما أنتقد قراءات «د. شحرور» المعاصرة فليس بهدف تصحيح أخطائها، لأن القواعد المنهجية التي قامت عليها أصلًا متهافتة.
وإنما أبيّن للناس الفرق بين «المنهجية العلمية»، و«المنهجية العشوائية» التي أكلت قلوب المسلمين، ولم يعد يحكمها إلا الهوى، و«التسول الفكري»، و«السرقات الفكرية»، بدعوى حرية الرأي وأن الأجر والثواب عند الله!!
١- لقد أسس صاحب «القراءة القرآنية المعاصرة»، و«الفقه الإسلامي المعاصر»، منهجه على اتباع «الكتاب السنة»!!
ولذلك فإن السؤال الذي سيفرض نفسه هو:
وهل أئمة سلف جميع الفرق الإسلامية يقولون بغير «الكتاب والسنة»؟!
ولكن عندما يقول إنه ينطلق من «نظام معرفي» لإعادة تأسيس «فقه إسلامي معاصر»، فأنا شخصيًا لو كنت عضوًا في لجنة مناقشة دراسة علمية حملت هذه الجملة «فقه إسلامي معاصر».
ثم وجدت أن الطالب «السني» لم يكتب فيها غير ما استقاه من مراجع فرقة «أهل السنة»، فيستحيل أن أجيز له هذه الدراسة إلا بعد حذف كلمة «إسلامي»، وتعديل العنوان ليكون:
«تأسيس فقه مذهب أهل السنة المعاصر»
ذلك أن عنوان البحث دالٌ على موضوعه، فإذا كان موضوعه عن «الفقه الإسلامي» فيجب أن يحوي جميع آراء فقهاء الفرق والمذاهب العقدية والفقهية المختلفة.
# فإذا استند إلى رواية البخاري:
«أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ لَيَالٍ فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا»
في فتواه الإلحادية، التي أباح بها العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة بشرط أن تكون غير متزوجة، وألا تمارس هذه العلاقة في مكان عام.
فسأطلب سحب أي درجة علمية حصل عليها من قبل، لأن هذا ليس من باب حرية الفكر، وإنما من باب «الهوس الديني» الذي مكانه مستشفى الأمراض العقلية.
٢- لقد اعتبر «د. شحرور» أن مرجعيات فرقة «أهل السنة والجماعة» تمثل «الإسلام»، وقد شهدت مؤلفاته بذلك.
وهذا في حد ذاته يُسقط وصف قراءاته بـ «المعاصرة»، ولكنه لم يجد من أتباعه من يفهم ذلك، لأن كلهم من فرقة «أهل السنة»!!
فعلى سبيل المثال:
في كتابه «الكتاب والقرآن»، الباب الثالث، الفصل الثاني، وهو يتحدث عن «حجية السنة»، فإذا به يستند إلى روايات فرقة «أهل السنة والجماعة»:
(أ) «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله»
ويثبت المرجع فيقول: «حديث شريف أخرجه الموطأ»!!
(ب) «ألا أني أوتيت هذا الكتاب ومثله معه»
ويثبت المرجع فيقول: «جامع الأصول في أحاديث الرسول»!!
ويقيم على هذه الرواية منهجه في فهم القرآن فيقول في معنى هذه الرواية:
أي «القرآن»، و«السبع المثاني»، أي «النبوة»!!
ثالثًا:
يبدو أن مسألة التفريق بين «السُنّة النبوية» و«السُنّة الرسولية» أعجبته، دون أن يعلم «تأصيلها القرآني»، فوقع في المحظور.
لقد اتبع أئمة سلف فرقة «أهل السنة» في تعريفهم لـ «السنة النبوية»، واختار من بين أنواعها ما اصطلحوا على تسميته بـ «السنة العملية»، وسماها بـ «السُنّة الرسولية»!!
١- إن «السنّة الرسولية» عند «د. شحرور» هي التي «وجب إتباعها» في حياة الرسول، و«بعد مماته» وهي الشعائر!!
# وطبعًا «الصلاة» من الشعائر، وسيأخذ «أحكام الصلاة» عن طريق «التواتر العملي المذهبي»، الذي حمله رواة فرقة أهل السنة.
وعليه، فهو يعتبر كل ما يؤديه المسلمون من كيفيات أداء للصلاة، مع اختلاف مذاهبهم الفقهية في الأداء، «سنة رسولية» أدّاها الرسول تماما كما يؤدّيها أتباع فرقة «أهل السنة» اليوم، وها هو قوله عن حفظ «الشعائر»:
«وهي ثابتة شكلاً ومحتوى على مرّ الزمان، ووصلتنا عن طريق التواتر الفعلي»
٢- انظروا وتدبّروا يا من تتبعون صاحب «القراءات المعاصرة» وهي في الحقيقة قراءات «سُنّية»!!
ويا من تتبعون «الفقه الإسلامي المعاصر»، وهو في الحقيقة «الفقه السني المعاصر»!!
وهو يصف حال «الشعائر» التي يؤديها المسلمون اليوم:
«وهي ثابتة شكلاً ومحتوى»!!
أي ثابتة شكلاً ومحتوى عن رسول الله محمد!!
٣- إذن فـ «رجم الجمرات»، الذي يفعله الحجيج، كشعيرة من شعائر الحج، هو عند «د. شحرور» فريضة لأنه منقول بـ «التواتر العملي» الثابت عن رسول الله
«شكلاً ومحتوى»!!
رابعًا:
فإذا ذهبنا إلى مشروع «محمد مشتهري»، فلن نجد فيه هذه «المنهجية العشوائية»، مطلقا، وقد حملت هذه الصفحة مئات المنشورات الدالة على ذلك.
فعلى سبيل المثال:
لا أري أن «رجم الجمرات» من شعائر الحج ومناسكه، استنادًا إلى ما ورود في كتاب الله، ولذلك لا تثبت هذه الشعيرة عندي في «منظومة التواصل المعرفي»، التي هي المحور الأساس الذي قام عليه مشروعي الفكري، المفصل على موقعي.
١- إننا عندما نصف «السنة» بأنها «نبوية» يكون ذلك بالنظر إلى كل ما «نبأ» الله به «النبي»، سواء كان بـ «وحي قرآني» أو بغيره من طرق الكلام التي نصت عليها «الآية ٥١» من سورة الشورى.
# فـ «وحي النبوة» هو أصل «كلام الله» مع أنبيائه، ومنه يأتي «وحي الرسالة».
٢- فإذا وصفنا «السنة» بأنها «رسالية» فيكون ذلك بالنظر إلى ما «نبأ» الله به «الرسول» بوحي قرآني.
ولكونها «سنة»، أي طريقة ومنهج أداء، فإما أن تكون كيفية الأداء قد نزل ببيانها «وحي قرآني»، كأركان «الوضوء».
أو جاء الحكم «مجملًا»، ونزلت كيفية الأداء بـ «وحي النبوة»، غير قرآني، كفريضة «الصلاة».
وقد سبق بيان حجية «وحي النبوة غير القرآني»، في أكثر من منشور.
# إن ما أردت أن أقوله في هذا المنشور:
إن «دين الإسلام» ليس له مرجعية إلا «القرآن»، وهو الحق «المطلق» الذي تعهد الله بحفظ نصوصه، وذلك لعلمه سبحانه أن البشر لا يُستأمنون على حفظ دينه.
فأتعجب … كيف يترك المسلمون «الحق المطلق»، ثم يضيّعون أوقاتهم في الحديث عن «تراث ظني»، لم تثبت أصلا صحة نسبته إلى أصحابه؟!
إن الذي يريد أن ينقذ المسلمين من جاهلية «تراثهم الديني» ما عليه إلا أن يقول لهم جملة واحدة:
ادخلوا «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية»، ولن تجدوا لهذا «التراث الديني» وجودًا في حياتكم.
وكفاكم ضلالًا وإضلالًا
باسم فرقة أهل السنة والجماعة
محمد السعيد مشتهري