لقد كتبت هذه المنشورات بناء على طلب من الأخت فاتن الصنعاني أن أسأل أصدقاء الصفحة:
لماذا “تُعجبون” بما أنشره، وهو يُعبّر عن مشروعي الفكري.
وفي نفس الوقت “تُعجبون” بما ينشره الذين أنتقد توجهاتهم الدينية، وأثبت تهافتها بالبراهين القرآنية؟!
أولًا:
خلال عقود مضت، وأنا أعلم الإجابة على هذا السؤال، لذلك جعلتها عنوان المنشور الأول، الذي حمل سؤال الأخت فاتن:
“ماذا يحمل التَابِع والمَتْبوع من علم يفهم به القرآن”؟!
إن هذا العنوان هو المحور الأساس الذي تدور حوله إشكالية “التقليد الأعمى”، و”الاتباع بغير علم”، التي ورثها المسلمون داخل منظومة “الآبائية المذهبية”، سواء كانوا سلفيّين، أو قرآنيّين، أو عصريّين، أو تنويريّين.
ولم تسجل الأخت فاتن، حتى الآن، أي ملاحظات على المنشورات إلا تعليقًا على المنشور الأول وقولها:
“وأنا دكتورنا الكريم مستمرة بالمتابعة”
ولعل المانع خير.
والحقيقة أن اختياري بدعة التفريق بين الرجال والنساء، باعتبار أن الكلمتين تحملان معنى “الذكر والأنثى” كان على أساس أن الأخت فاتن تتبنى ما ذهب إليه “د. محمد شحرور” في هذه “البدعة”، ونشرته على حسابها باعتباره فقهًا إسلاميًا جديدًا.
لقد وجدتها فرصة أن يكون ردي على سؤالها يتعلق بموضوع أكيد أنها قتلته بحثًا قبل أن تنشره، فيسهل على الأصدقاء الوقوف على مقصدي من عنوان المنشور
الأول.
ثانيًا:
إن مشروعي الفكري لا يعمل في الخفاء، فهناك موقع يحمل القواعد العلمية المنهجية التي قامت عليها موضوعاته، سواء كانت “مكتوبة” أو “مسموعة” أو “مشاهدة”.
كما يحمل الموقع جميع الموضوعات التي تُنشر على هذا الحساب، وعلى صفحة “نحو إسلام الرسول”.
ومنذ إنشاء الصفحة، والحساب، والموقع، وأنا أطلب:
* من “المتبوعين”: الذين أنتقد مناهجهم الفكرية، وأصفهم بـ “الملحدين”، أي الذين يميلون عن أحكام القرآن بهدف إسقاطها.
* ومن “التابعين”: الذين يتبعون “المتبوعين” بغير علم.
أطلب منهم جميعًا أن يقدّموا ما يملكون من علم، ومن براهين قرآنية، يدافعون بها عن توجهاتهم الدينية “الإلحادية”، على الأقل لإقناع أنفسهم أنهم على حق!!
والمتابعون لمنشورات الصفحة، ولتعليقات أصدقائها، يعلمون جيدًا حجم مأساة “الاتباع بغير علم”، وكيف يهرب أصحابها من مواصلة الحوار عندما يكتشفون أنهم لا يملكون “علمًا” يواصلون به الحوار.
وسأضرب المثل بآخر حوار كان معي بالأمس، تعليقًا على منشور “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ”:
يبدو أنك تنطلق من قواعد لغو اللغويين وتحاول أن تطبقها على لسان القرءان … مع أن قواعد النحو والصرف للغة الاعراب جاءت بعد نزول القرءان من خلال الاستقراء … وقواعد لسان القرءان تختلف كثيرا عن قواعد اللغويين … وقواعد اللغوين غير علمانية … ونلاحظ فيها الكثير من الشذوذ … القرءان يحمل قواعده … وليس من الصواب أن تنطلق من الناقص الى الكامل … بل العكس هو الصحيح
# محمد مشتهري
ما اسم اللغة التي كتبت بها هذا التعليق؟!
# أﺑﻮ ﻋﻼء ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
ليس من المنطق أن تقارن لغتي كبشر … بلسان القرءان … فلغة المخلوق قاصرة بالنسبة للسان الخالق.
# أﺑﻮ ﻋﻼء ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
لغتي أعجمية بالنسبة إلى لسان القرءان العربي.
# محمد مشتهري
أرجو أن تجيب على قدر السؤال.
ولا تفتري عليّ الكذب، فأنا لم أسألك عن الفرق ببن لغتك ولغة القرآن، أنا سألتك عن اسم اللغة التي كتبت بها تعليقك، ولا يصح قولك إنها أعجمية، من فضلك قل لنا ما اسم هذه اللغة الأعجمية، في كلمة واحدة من فضلك.
# أﺑﻮ ﻋﻼء ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
لغة أعرابية
# محمد مشتهري
تمام
وهل تفهم بهذه اللغة الأعرابية القرآن؟!
# أﺑﻮ ﻋﻼء ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
نعم أحاول فهم ما يمكن فهمه.
# محمد مشتهري
تمام
يعني هناك ما تفهمه من القرآن بلغتك الأعرابية؟!
# أﺑﻮ ﻋﻼء ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
نعم
# محمد مشتهري
وهل لغتك الأعرابية هي لسان القرآن؟!
# أﺑﻮ ﻋﻼء ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
لا
# محمد مشتهري
شكرًا
التعليق:
في الحقيقة أنا عندما قرأت التعليق الأول لأبي علاء، سعدت جدًا أن هناك من يكتب كلامًا “يبدو منطقيًا”، وبأسلوب يبين أن صاحبه “على علم”، وسأعيد التعليق:
* “يبدو أنك تنطلق من قواعد لغو اللغويين”
* “وتحاول أن تطبقها على لسان القرءان”
* “مع أن قواعد النحو والصرف للغة الاعراب جاءت بعد نزول القرءان من خلال الاستقراء”
* “وقواعد لسان القرءان تختلف كثيرا عن قواعد اللغويين”
* “وقواعد اللغوين غير علمانية”
* “ونلاحظ فيها الكثير من الشذوذ”
* “القرءان يحمل قواعده”
* “وليس من الصواب أن تنطلق من الناقص الى الكامل”
* “بل العكس هو الصحيح”
وهذا الذي كتبه “أﺑﻮ ﻋﻼء” يُسمى في علم أصول البحث العلمي بـ “الكلام المرسل”، الذي لو كتبه طالب الدراسات التمهيدية التي تؤهله للحصول على درجة “الماجستير” لظل طالبًا في الدراسات التمهيدية حتى يتعلم كيف يكتب بحثًا علميًا.
إن كل جملة من الجمل السابقة، تحتاج أن يكتب “أﺑﻮ ﻋﻼء” بعدها، “أو في هامش” المراجع العلمية، أو الآيات القرآنية، التي تثبت صحة ما ذهب إليه في تعليقه!!
لأن الحقيقة الكلام الذي حملته هذه الجمل “كبير”، و”فلسفي”، وينخدع به أي إنسان يجهل مصادره، وقد يعتبر كاتبه من العلماء، فيتابعه، ويتبعه بغير علم.
أما إذا كان “التابع” يعلم كيف يدير حوارًا علميًا مع “المتبوع”، لانتهت أزمة “العشوائية الفكرية” التي نراها ليل نهار على شبكات التواصل الاجتماعي.
يجب ألا يقبل “المحاور” أي “كلام مرسل”، ولذلك عندما أراد “أﺑﻮ ﻋﻼء” أن يخرج بكلامه المرسل عن أصول الحوار العلمي قلت له:
* “أرجو أن تجيب على قدر السؤال”
وعندما أراد أن يهرب من “الورطة” التي وضع نفسه فيها، وقال:
* “لغتي أعجمية بالنسبة إلى لسان القرءان العربي”
قلت له:
* “ولا يصح قولك إنها أعجمية”، من فضلك قل لنا ما اسم هذه اللغة الأعجمية؟!
ثم جعلته يلتزم بأصول الحوار فقلت له:
* “كلمة واحدة من فضلك”
فقال:
* “لغة أعرابية”
إذن فقد شهد أنه يتحدث، ويقرأ، ويتعامل مع الناس، بلغة سمّاها “أعرابية”، وهو لا يعلم أنه بذلك قد هدم كل ما قال في الجمل السابقة، عندما قلت له:
* “وهل تفهم بهذه اللغة الأعرابية القرآن؟!”
فقال:
* “نعم أحاول فهم ما يمكن فهمه”
انظروا وتدبروا قوله “أحاول فهم ما يمكن فهمه”!!
يعني هو لا يستطيع بلغته “الأعرابية” أن يفهم جانبًا من القرآن، وإنما هناك ما يفهمه بهذه اللغة.
إذن فليس كل القرآن نزل بـ “لسان عربي”، الذي قال إنه يختلف عن “لغو اللغويين”، بدليل أنه فهم بعضه بـ “لغوه هو”، أي بلغته “الأعرابية”، ولذلك قلت له:
* “يعني هناك ما تفهمه من القرآن بلغتك الأعرابية؟!”
فقال:
* “نعم”
فسألته:
* “وهل لغتك الأعرابية هي لسان القرآن؟!”
قال:
* “لا”!!
فكان من الطبيعي أن أشكره على أنه كشف بنفسه تهافت كلامه المرسل الذي بدأ به تعليقه، فقلت له:
* “شكرًا”
في الحقيقة لقد أردت بيان هذه الإشكالية، بهذا الأسلوب، وبهذا التفصيل، كرسالة أبعث بها لكثير من الأصدقاء، الذين أشفق عليهم عندما أجد “بوصلة” قلوبهم لا تعرف لها “اتجاهًا”:
“مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ”
بدعوى “حرية الرأي والفكر”!!
وليس في “دين الإسلام” حرية رأي ولا حرية فكر.
وإنما “قرآن” أمر الله تدبر آياته بـ “منهج علمي”.
يحمل “أدوات” مستنبطة من ذات النص القرآني.
يدرس المؤمن في “إطار حدودها” الآيات وأحكامها.
كلٌ حسب إمكانات عصره العلمية والمعرفية والثقافية.
محمد السعيد مشتهري