نحو إسلام الرسول

(1044) 23/2/2018 لماذا يُعجبون بـ “الظاهرة الشحرورية” وهي تقودهم إلى جهنم؟!

لأن على “قلوبهم أقفالها”، لا “يتدبرون القرآن”!!

“القرآنيون في القاهرة كان البارز فيهم الدكتور صبحي منصور والدكتور مشتهري، ابن الشيخ مشتهري، الذي كان رئيسًا للجمعية الشرعية، وكل واحد منهم آوى إلى الظل بعد فترة من النشاط”.

لقد كتب الأستاذ “جمال البنا” هذه الفقرة في مقال له على صفحة شفاف الشرق الأوسط، بتاريخ “١١- ٣- ٢٠٠٥”، ثم أعاد كتابتها في صحيفة “المصري اليوم” عام “٢٠٠٧”.

لقد فهم الأستاذ “جمال البنا” من خلال اللقاء الأسبوعي الذي كان يحضره، أني لا أرى غير “القرآن” مصدرًا تشريعيًا إلهيًا، ولكنه لم ينتبه إلى الأدوات التي أستعين بها “من خارج القرآن” لفهم القرآن، فظن أني من القرآنيّين.

وهنا كان يجب أن أصحح هذا الفهم الخاطئ، فأرسلت إليه رسالة توضح ما غاب عنه، كما يغيب اليوم عن كثير من أصدقاء الصفحة، وتُبيّن أن مشروعي الفكري لا علاقة له مطلقًا بـ “السلفيّين”، ولا بـ “القرآنيين”.

فكتب الأستاذ “جمال البنا” اعتذارًا في صحيفة “المصري اليوم”، بتاريخ “٤- ٦- ٢٠٠٧”، قال فيه:

“صديقي الكاتب الإسلامي المحقق الدكتور محمد المشتهري عاتب عليّ لأنني أدرجته في “القرآنيين”، وكتب إليّ أن القرآنيين لهم آراء أخرى خلاف إنكارهم السنة هو براء منها، الحق أنني لم أكن أعرف هذه الجزئية، وبالتالي فلا يكون منهم، معذرة يا صديقي”.

ولكن لماذا بدأت هذا المنشور بهذه المقدمة؟!

ليعلم من لا يعلم من هو “محمد مشتهري”، أنه نشأ في بيئة دينية “أصولية” سلفية، ثم خلع ثوب “الآبائية”، وكفر بجميع الفرق والمذاهب العقدية، وبتراثها الديني، وذلك عندما قام بتفعيل “أصول البحث العلمي” التي تعلمها في دراساته الأكاديمية.

واليوم، إذا خرج “محمد مشتهري” على الناس بفهم وتدبر لكتاب الله يوافق ما عليه “القرآنيّون”، يُصبح رجلًا عصريًا مستنيرًا يُعجب بمنشوره العشرات!!

وإذا خرج “محمد مشتهري” على الناس بفهم وتدبر لكتاب الله يوافق ما عليه “السلفيّون”، يصبح رجلًا تراثيًا جاء من العصور الوسطى، ويخرجون يقولون للناس:

إن الله أمرنا بتدبر القرآن ذاته، لأن القرآن هو الذي يهدي للتي هي أقوم، وليست منشورات محمد مشتهري!!

وإذا خرج عليهم “محمد شحرور” بما يكشف عن هويته التي تجمع بين “السلفية السنية”، و”القرآنية العصرية”، يُعجب به المئات ويُصفّقون له، لأنه يُحلّ لهم ما يوافق شهواتهم!!

فهل يُعقل إباحة العلاقات الجنسية مع النساء بحد أقصى ثلاث ليالي بشرط أن يَكنّ غير متزوجات، استنادًا إلى رواية البخاري السني:

“أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليالي، فإما يتزايدا أو يتفارقا”؟!

نعم، هذا هو “محمد شحرور”، صاحب القراءات الإلحادية المعاصرة، الذي لم يكتف بإرضاء شهوات مرضى القلوب، وذهب يهدم كيان الأسرة بإيقاع “الطلاق” البائن بينونة كبرى في عدة أشهر!!

* الطلاق البائن بينونة كبرى: هو الذي لا يحل للرجل أن يعيد امرأته إلى عصمته إلا بعد أن تنكح “نكاحًا صحيحًا” زوجًا غيره.

“أَفَلا تَعْقِلُونَ” – “أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ” – “أَفَلا تَتَّقُونَ”؟!

إنني لم أجد “أحدًا” من أصحاب القراءات السلفية والقرآنية والتنويرية، يملك “منهجًا علميًا” يحمل أدوات لفهم القرآن مستنبطة من ذات النص القرآني.

وأنا لا أضع نفسي في مقام التحدي، ولكن على “الجهبذ” الذي يكتشف شخصًا يحمل منهجًا علميًا كالذي يحمله مشروع محمد مشتهري “نحو إسلام الرسول” عليه أن يُخبرنا باسمه، وأنا سأكون أول التابعين له عن “علم”!!

أولًا:

إن قرار الطلاق ليس قرارًا فرديًا يقوم على انفعالات تصحبها “أيْمَان” تخرج على “اللسان” في لحظة “غضب” وانفعال “طارئ”.

إن قرار الطلاق قرار مصيري، ولذلك جعله الله بيد السلطة الحاكمة، تحكم به بعد:

بحث أسباب المشاكل بين الزوجين، من الناحية الاجتماعية والنفسية والمالية..، وبعد متابعة محاولات الإصلاح، وصولًا إلى انتهاء فترة “العدة”.

إن قرار الطلاق قرار مؤسسة رسمية معنية بشؤون الطلاق تتبع السلطة الحاكمة مباشرة، ولذلك خاطب الله به النبي محمد، عليه السلام، بصفته ولي أمر المسلمين، فقال تعالى في سورة الطلاق:

* “يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ…”.

إن ضمير الجمع في “إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ” وما بعده من الضمائر “فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ”، “وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ”.

يُبيّن مدى القيود التي فرضها الله لتضييق دائرة “الطلاق” إلى أقصى درجة.
إن كلمة “إذا” في قوله تعالى “إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ” تتعلق بـ “إرادة الطلاق”.

ثم جاءت “فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ” لتبين “متى يقع الطلاق”، إذ لا معنى لتحقق الطلاق بعد وقوعه.

مثال: قول الله تعالى:

* “إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا..”

أي إذا أردتم الصلاة فاغسلوا… ومعلوم أن وقوع الصلاة يكون بعد الوضوء وليس قبله.

ولذلك يجب أن نفرق بين قرار وإرادة الطلاق، وبين توقيت وقوعه.

ثانيًا:

“قرار وإرادة الطلاق”

والذي على أساسه يبدأ إحصاء العدة، وقد يُغير الزوج موقفه من هذا القرار خلال فترة العدة وتعود المياه إلى مجاريها ويتوقف الإحصاء ولا “يقع” الطلاق.

ذلك أن الله تعالى يقول في سورة البقرة:

* “وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا”

فمن حق الزوج رد زوجه “بِرَدِّهِنَّ” إلى الحالة التي كانت عليها قبل بدأ العدة، لقوله تعالى “فِي ذَلِكَ” أي في فترة العدة.

وتدبر “إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا”، فتعود الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه.

ولا تُحسب “إرادة” الزوج و”قراره” طلاق زوجه “طلقة”، لأنه قد ردّ امرأته قبل وقت “وقوع” الطلاق، أي قبل أن تخرج “الطلقة” من “السلاح” الذي يحمله.

ثالثًا:

“تنفيذ ووقوع الطلاق”

يقع الطلاق بعد فشل محاولات الإصلاح، وانقضاء فترة العدة، لقوله تعالى:

“فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ”.

إن اللام في “لِعِدَّتِهِنَّ” تدخل على فترة زمنية لها بداية ونهاية، كقوله تعالى “وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا”.

ولقد بيّن الله هذا الميقات بقوله “فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً”

أي أن الميقات انتهى بانتهاء الأربعين ليلة.

وميقات “عدة المرأة” ينتهي بانتهاء “القروء الثلاثة”، لقوله تعالى في سورة البقرة:

* “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ”

وقد سماهن الله “مطلقات” قبل انتهاء “القروء الثلاثة” باعتبار أنهن قد بدأن السير في الطريق الموصل إلى الطلاق.

أي باعتبار ما سيؤول إليه حالهن في نهاية العدة بعد اتخاذ الزوج قرار الطلاق.

تماما كما نُطلق لفظ “مسافرات” على من بدأن إجراءات السفر بعد اتخاذ قرار السفر.

رابعًا:

الطلاق لا يقع إلا في “نهاية العدة”.

يقول الله تعالى:

* “فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ”

١- “فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ”

وهنا مسألة “لغوية بيانية” من آلاف المسائل التي أهديها للملحدين الذين يريدون فهم أحكام القرآن بمعزل عن «علوم اللغة العربية»، وعندما أغلظ عليهم القول نراهم يقولون:

“وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”

وهم لا يعلمون أن الذين خاطب الله رسوله بشأنهم هم “المؤمنون”، وليس “الملحدون المنافقون” الذين أمره في سياق آخر أن يغلظ عليهم، فتدبروا:

“يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”

إننا إذا فهمنا قوله تعالي “فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ” على ظاهره وحقيقة معناه نسبنا إلى الله تعالى العبث، وأسقطنا حجية القرآن.

فكيف يقول الله “فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ” بعد قوله “فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ”، ومعلوم أن “الأجل” إذا انقضى لم يعد هناك تخيير بين الإمساك والتسريح، ويصبح لا معنى لقوله تعالى:

“فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ – أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ”

هنا تأتي علوم اللغة لتبين أن المقصود بـ “بَلَغْنَ” ليس المعنى “الحقيقي” الذي يعني الوصول إلى الشيء، وإنما المعنى “المجازي” الذي يعني “اقتراب” الوصول إليه.

١- إن قوله تعالى: “فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ”

يُبيّن أن “الزوجية” ما زالت قائمة، وأن الزوج قبل انتهاء العدة مازال يُمسك بزمام العلاقة الزوجية، وأن زوجه لم تُطلق بعد.

٢- وقوله تعالى “أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ”

يُبيّن أن الزوج عليه أن “يوقع” الطلاق بعد انقضاء العدة، وهي “ثلاثة قروء”، والقَرْء: هو الفترة بين الطهر والحيض.

فتكون عدة المرأة:

١- طهر … حيض ٢- طهر … حيض ٣- طهر … حيض

ومعلوم أن براءة رحم المرأة تحصل بقرء واحد، واليوم تُعرف في دقيقة، فلماذا الانتظار ثلاثة قروء؟!

لإعطاء الزوجين والمؤسسة المعنية بشئون الطلاق، مزيدا من الوقت للإصلاح بين الزوجين.

فإذا انقضت فترة العدة تصبح المرأة “طالقًا” طلاقًا رجعيًا، يَرْجِع إليها «مطلقها» فورًا ولكن بعقد جديد.

وللموضوع بقية

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى