نحو إسلام الرسول

(1025) 30/1/2018 لن يدخل الجنة من يجهل لغة القرآن العربية “7”

أمام آلاف الناس، وبعد حوارات حول شبهات تتعلق بـ “الإسلام”، وفي أقل من دقيقة، يدخل أتباع الملل والنحل المختلفة في “دين الإسلام” بمجرد تلقينهم كلمات الشهادتين بـ “اللغة العربية”، فينطقونها بـ “ألسنتهم الأعجمية”، استجابة لطلب الداعية الهندي “ذاكر نايك”!!

مئات “الفيديوهات” على “اليوتيوب”، تشهد بأكبر “مصيبة عقدية” يشهدها العالم، وهو يرى كيف يدخل “الأعجمي” في “الإسلام”، على المذهب “السني”، بمجرد أن ينطق بعدة كلمات عربية لا يفهمها، ويواجه الحضور ذلك بالفرح والتكبير و”الأحضان”!!

إنه “فيروس” الإسلام الوراثي “المذهبي”، الذي قضى على جسد خير أمة أخرجت للناس، والذي تحول إلى “سرطان” يمسك بقلوب الأجيال المسلمة منذ ولادتهم، ثم إذا به ينتقل إلى قلوب “الأعاجم” الذين يدخلون في “دين الإسلام” على يد المذهبيّين!!

فإذا ذهبنا إلى القرآن وتدبّرنا آياته، وجدنا أنه لا “إيمان” ولا “إسلام” دون إقرار:

# بصحة نسبة القرآن إلى الله.

الأمر الذي لا يتحقق إلا بـ:

# الإيمان بـ “الآية” الدالة على صدق “نبوة” رسول الله محمد، والتي حملها القرآن لتكون حجة على العالمين إلى يوم الدين.

والسؤال:

فكيف تؤمن بحجية “الآية العقلية القرآنية”، التي نزلت بـ “اللغة العربية” التي كان ينطق بها “لسان العرب”، وأنت لا تعلم هذه اللغة وأساليبها البيانية؟!

إن كل المصائب الفكرية التي نراها على ساحة ما يُسمى بـ “الفكر الإسلامي”، بجميع توجهاته “العقدية”.

وكل التوجهات الإلحادية، والمنظمات والجماعات “الإرهابية” التي تسفك الدماء بغير حق.

لم يظهر كل هذا إلا نتيجة الجهل بعلوم “اللغة العربية”.

إن حالات الاستغراب والتعجب من عنوان هذه السلسلة من المنشورات “لن يدخل الجنة من يجهل لغة القرآن العربية” خير شاهد على حجم “مأساة أمة” خلعت ثوبها “العربي”، ولبست لباس “الأعاجم”!!

كم هم سعداء بأبنائهم وأحفادهم، وهم لا ينطقون إلا بالإنجليزية أو الفرنسية، ثم يسألون:

كيف السبيل إلى حفظ أولادنا القرآن الكريم؟!

إنها أمة مغيبة، أمة في مأساة، أمة تتعامل مع “القرآن” كأنه كتاب مدرسي، للدراسة والحفظ، بمعزل عن تفعيل آياته في واقع الحياة.

لذلك تزداد يوما بعد يوم ظاهرة خلع ثياب أحكام القرآن، تحت رعاية القراءات القرآنية المعاصرة والمستنيرة، حتى أصبحنا نرى الشباب والنساء يمشون بين الناس “عرايا”، تعرفهم من أقوالهم وتصرفاتهم.

لقد ظن “السلفيّون” أن الطريق إلى “دين الإسلام” هو الالتزام بأحكام الشريعة، فكانت هذه هي حياتهم، بمعزل عن الفهم الواعي لحقيقة “الوحدانية”، وإلا ما تفرقوا في دين، وإن ماتوا على ذلك ماتوا مشركين!!

وظن “القرآنيّون” و”العصريّون” أن الطريق إلى “دين الإسلام” هو هدم أحكام الشريعة، فكانت هذه هي حياتهم، التي وجدت ترحيبًا وإعجابًا كبيرًا!!

والحقيقة أن “السلفيّين”، و”القرآنيّين”، و”العصريّين”:

“ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً”

أن الطريق إلى “دين الإسلام” يبدأ بتعلم “اللغة العربية”، لأنها اللغة الوحيدة القادرة على بيان أصول الإيمان وأحكام القرآن.

أن الفهم الواعي لـ “دين الإسلام” يبدأ بتعلم “علوم اللغة العربية”، لأنها العلوم القادرة على بيان بنية الجملة القرآنية وبلاغة أساليبها البيانية.

فتعالوا نضرب مثالين للمعنى الذي يربط “الدال” بـ “المدلول”:

مثال “١”:

مفهوم كلمة “تعالى” في السياق القرآني.

من الأفعال التي استعملها القرآن في تعظيم الله والثناء عليه الفعل “تعالى”.

وفي لسان العرب، علا النهار واعتلى وتعالى أي ارتفع، وهو تفاعل من العلو.

# فكيف نفهم مقام “العلو” بالنسبة لله عز وجل، وهو القائل:

“لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ”

وهل توجد “لغة” في العالم، تستطيع بيان فعاليات أسماء الله الحسنى في هذا الكون، غير اللغة العربية؟!

# إذن فكيف تدخل الجنة وأنت “أعجمي”، لا تفهم معنى قوله تعالى في مقام بيان “دلائل الوحدانية”:

* “فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ”؟!

* “وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً”؟!

وهل تعلم ماذا يعني اقتران ومصاحبة الفعل “تعالى” باسم الجلالة “الله” في الآيات التالية:

* “فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ”

* “جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ”

* “أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ”

إنها الدلالة الغائبة عن حياة المسلمين:

# دلالة التعظيم والثناء والتنزيه يتعالى بها الله تعالى على الشرك به تعاليًا مؤكدًا بمصاحبة لفظ “سبحان”، فتدبر:

* “هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”

* “وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”

* “وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ”

* “أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”

ما قيمة التزامك بأداء “أحكام القرآن”، وأنت لم تدخل “دين الإسلام” أصلًا من باب الفهم الواعي لفعاليات أسماء الله الحسنى في هذا الكون؟!

مثال “٢”:

مفهوم كلمة “تبارك”، في السياق القرآني، بين الدال والمدلول.
“البركة” تعني الزيادة والنماء، و”التبريك” الدعاء بالبركة، وتبارك بالشيء تفاءل به.

و”تبارك الله” أي تقدس وتنزه وتعالى وتعاظم، ولا تكون هذه الصفة لغيره سبحانه.

ونلاحظ أنه جاء بصيغة الماضي “تبارك” لبيان أن “البركة” في هذا الكون منذ إنشائه، فلم تنقطع عنه “النعم” التي لا تحصى.

# فما علاقة الخلق والأمر بهذه “البركة”؟!

* “أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ”

# وما علاقة مراحل نمو الجنين في بطن أمه بـ “البركة”؟!

* “ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ”

# وما علاقة “البركة” عندما تُسند إلى “اسم الرب”؟!

* “تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ”

# وما علاقة “البركة” عندما تتعلق بخيرات الكون كله؟!

* “وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا”

# وما علاقة “البركة” بنعمة إنزال القرآن، ليفرق بين الحق والباطل فلا يكون هناك عذر لأحد؟!

* “تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً”

إن كل آية من الآيات التي حملها هذا المنشور يحتاج بيانها إلى عدة منشورات.

ولما كان الهدف من هذه السلسلة هو بيان أن “علوم اللغة العربية” فريضة شرعية على كل مسلم، بل أقول إنها في مقدمة الفرائض، اكتفيت بالإشارة إلى الآيات دون الإخلال بجوهر الموضوع.

وللموضوع بقية.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى