نحو إسلام الرسول

(1008) 8/1/2018 «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ» – «وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ»

عندما نتدبر سورة يونس، نجد أنها جمعت بين:

– البرهان على أن هذا القرآن هو «كلام الله» حقًا وصدقًا.

– موقف الكافرين من هذا القرآن.

– دلائل الوحدانية التي تقتضي الإيمان بالله وبنبيه الخاتم.

– بيان مصير الكافرين الذين يفترون على الله الكذب، ويُحلّون ما حرم الله.

– كيف يتعامل المؤمنون مع الكافرين، ومع هذه الدنيا وزينتها.

– ثم بعد ذلك يبيّن الله ما يجب أن تكون عليه حياة المؤمن ومعيشته حتى لا تصل به الدنيا إلى «معيشة ضنك»، وتكون النتيجة:

* «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى»

* «قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً»

* «قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى»

أولًا:

ما هي الآيات التي أتت المسلمين، وآمنوا بها، وقاموا بتفعيلها في حياتهم، ولم ينسوها إلى يومنا هذا، حتى لا يكون مصيرهم في الآخرة «وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى»؟!

إن الله تعالى لم يؤت رسوله محمدًا غير نصوص «الآية العقلية القرآنية»، وما حملته «منظومة التواصل المعرفي» من كيفيات أداء ما أجملته هذه النصوص من أحكام.

ولأهمية بيان ذلك، وأنه لا «إيمان» ولا «إسلام» إلا إذا كان من باب «الآية العقلية القرآنية» وجه الله الخطاب إلى النبي فقال تعالي:

* «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ»

والشأن: هو العمل المهم الذي يقوم به الإنسان بعناية.

* «وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ»

ثانيًا:

لماذا لم يقل الله تعالى «وَمَا تَتْلُوا مِنْ قُرْآنٍ»؟!

لأن المقصود بيان أن الضمير في «مِنْهُ» عائد إلى «الشأن».

الأمر الذي يفرض على كل مؤمن، أن تتفاعل معيشته مع تلاوته للقرآن، باعتبار أن «التلاوة» لا تعني «القراءة» فقط.

إن «التلاوة» تعني اتباع «المقروء»، ولذلك أتبعها بـ «العمل»:

* «وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ»

والمقصود أي عمل يقوم به المؤمن.

هذه هي حياة «المؤمن»:

جميع أعماله، وشؤون حياته، يجب أن تنطلق من قاعدة «اتباع» نصوص «الآية العقلية القرآنية» المعاصرة له اليوم.

ثالثًا:

إن انطلاق حياة المؤمن من قاعدة «المعاصرة»، أي معاصرته لـ «الآية العقلية القرآنية» اليوم، يقتضي ألا تكون له أي علاقة بتراث الفرقة التي ولد فيها، لأن أتباع هذه الفرقة:

* «مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً»

وهؤلاء لن يتخلوا عن أمهات كتبهم لأن الله قال بعدها:

«كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

تدبر: الله تعالى يحذر المسلمين وأحزابهم وما تملكه مكتباتهم من أمهات الكتب «بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»، ولا حياة لمن تنادي!!

إذن انتبه، لأنك مراقب:

* «إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ»

إن الحقيقة التي ستُغضب الكثير، كالعادة، أن المليارين مسلم يعيشون حياتهم الدينية، وهم في دائرة «النفاق».

إن الله تعالى يرى ويسمع ويعلم، ولذلك قال بعدها:

«وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»

فلماذا لا تخافون، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»، من أن يراكم الله على حالكم هذا من التفرق في الدين، واللامبالاة، و«كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»؟!

رابعًا:

إن «فرعون» لم يقل لقومه أنا ربكم الأعلى إلا بعد أن استخفهم فأطاعوه، ولذلك وصفهم الله بقوله «إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ».

فإذا نظرنا إلى جميع التوجهات الدينية الموجودة على الساحة الفكرية اليوم، لن نجد بينها توجهًا واحدًا يدعو أتباعه إلى خلع ثوب «التراث الديني الجاهلي» واتباع «إسلام الرسول».

لقد استخف «المتبوعون» «التابعين» لهم، فاتبعوهم بغير علم!!

فماذا يعني عدم تفاعل المسلمين مع «إسلام الرسول»؟!

لقد دعوت المسلمين، عقودا من الزمن، إلى خلع ثوب تدينهم المذهبي، ودخول «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية»، فلماذا لم يتفاعلوا مع مشروعي الفكري بما تقضيه «الأزمة العقدية» التي يعيشون بداخلها؟

لأنهم لا يريدون الإيمان بـ «الآية العقلية القرآنية» المعاصرة لهم اليوم «وليس الأمس»، ولماذا؟!

١- لأنهم لا يستطيعون إعادة بناء معيشتهم على قواعد إيمانية جديدة، فقد ألفت قلوبهم «ما هو كائن»، ويصعب عليهم العمل بـ «ما يجب أن يكون».

٢- لا يستطيعون الاستغناء عن «السلفية»:

# فـ «السلفيّون»:

السلفية دينهم.

# و«القرآنيّون»:

يعملون من أجل هدم دين «السلفيّين»، وهم في طريقهم يهدمون أحكام القرآن.

# و«العصريّون»:

يجمعون بين التوجه السلفي والقرآني.

– فلا مانع من قبول «أحاديث» الفرقة التي ولدوا فيها بعد تنقيتها.

– ولا مانع من هدم أحكام القرآن.

– ولا مانع من افتراء أحكام ما أنزل الله بها من سلطان.

هذه هي التوجهات الدينية التي يتدين بها المسلمون اليوم، وكلها تقف على قواعد لا علاقة لها بـ «دين الله» الذي ارتضاه للناس، القائم على إسلام «الآية القرآنية» المعاصرة للناس اليوم.

فاستيقظوا من «سباتكم»، واخلعوا ثوب «الجهل» بأحكام القرآن، واعلموا أن القراءة المعاصرة للقرآن، هي التي تبدأ بدخول «دين الإسلام» من باب «الآية القرآنية».

إن القراءة المعاصرة للقرآن، هي التي تقيم مجتمعات الإيمان والعمل الصالح، كلٌ في موقعه، فيولد المولود في بيئة إيمانية، ويموت الأب، وتموت الأم، فيستكمل الأبناء مسيرتهما الإيمانية.

وهذا ما فعله يعقوب عليه السلام قبل موته:

* «أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ»

* «إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي»

* «قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ»

* «إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ»

* «إِلَهاً وَاحِداً»

* «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»

إنها «الفريضة الغائبة» التي يجب ألا ينشغل بغيرها كل من دخل «دين الإسلام» من بابه الصحيح.

إنه «دين الإسلام» الذي يفرض على كل مؤمن أخلص دينه لله، ألا يتكلم، أو ينشر، شيئًا يتعلق بغير هذه «الفريضة الغائبة».

ولذلك لم يجد «إسلام الرسول» طريقًا إلى قلوب المسلمين.

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى