نحو إسلام الرسول

(1863) 14/7/2021 «وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ – وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً»

يقول الله تعالى «الإسراء / ٤٥-٤٨»:
١- «وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً»
(أ): إن الذين يخاطبهم الله تعالى كافرون بـ «أصول الإيمان» كلها، فلماذا ذكر كفرهم بـ «الآخرة» فقط؟!
لأن الإيمان بـ «البعث» بعد الموت، وأن الناس محاسبون على أعمالهم يوم القيامة، هو المحور الأساس الذي يدور حوله الخطاب القرآني لملل الكفر كلها:
إن الموت والبعث والحساب من «عالم الغيب» الذي لا يعلمه إلا الله تعالى ولا تدركه حواس الناس، لذلك لا يعملون حساب للموت ولا للبعث، فإذا بهم في لحظة يجدون أنفسهم فيهما.
(ب): إن «الحجاب» في هذا السياق يعني «الطبع» على القلوب، ووصفه بـ «المستور» مبالغة في حجب ما يحجبه، وكأنه مستور بساتر آخر.
٢- ثم جاء السياق بمزيد بيان فقال الله تعالى:
(أ): «وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ»:
والأكنة جمع كنان وهو ما يستر الشيء، وهو أسلوب مجازي يشير إلى إبعاد القلوب عن فقه القرآن والوقوف على أسرار آياته الدالة على صدق نبوة رسول الله محمد.
(ب): «وَفِي ءاذَانِهِمْ وَقْراً»:
مجاز عقلي يشير إلى منع حاسة السمع من سماع القرآن على الوجه الصحيح.
إن فعل «الجعل» الذي ورد منسوبا إلى الله تعالى في «جَعَلْنَا – وَجَعَلْنَا»، يعني أن الحجاب والوقر يحدثان تلقائيًا وفق سنن إلهية لا تتبدل ولا تتغير، وقد جاء بيان ذلك في كثير من الآيات منها قول الله تعالى:
* «فَلَمَّا (زَاغُوا) – (أَزَاغَ) اللَّهُ قُلُوبَهُمْ – وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ»
* «بَلْ (طَبَعَ) اللّهُ عَلَيْهَا بـ (ِكُفْرِهِمْ)»
(ج): إن هذه السنن الإلهية تمنع الذين لم يتربوا على الفهم الواعي لـ «أصول الإيمان» والعمل بـ «مقتضياتها» من تفهم القرآن، إلا إذا خلعوا ثوب الآبائية ودخلوا في «دين الإسلام» من الباب الصحيح.
(د): إن الذين لم يدخلوا في «دين الإسلام» من الباب الصحيح، لم يدخل الإيمان قلوبهم، لذلك نراهم اليوم إما يتبعون مذهب الفرقة التي ولدوا فيها، وإما يُلحدون في آيات القرآن وأحكامها، و«قُلُوبُهمْ» في الحالتين في «أَكِنَّةٍ».
٣- «وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ – وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً»
(أ): أي عندما يُذكر الله غير مقرون بذكر آلهتهم التي يزعمونها، يغضبون ويولّون الأدبار، ذلك أن القلوب عندما تكون في «أَكِنَّةٍ» وفي الأذان «وَقْرٌ» يصبح «إبليس» هو المتحكم فيها:
لذلك يستحيل أن يقبل أصحاب هذه القلوب وهذه الأذان «الوحدانية» ولا العمل بأحكام القرآن، لأنها قلوب تشربت «الشرك بالله» وتشمئز من «الوحدانية»، فتدبر «الزمر / ٤٥»:
* «وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ – اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخرةِ – وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ – إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ»
ويقول الله تعالى:
* «ذَلِكُم بِأَنَّهُ – إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ – وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا – فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ»
(ب): واليوم:
– أشرك ٩٩٪ من المسلمين، أتباع الفرق الإسلامية، مع كتاب الله مصدرًا تشريعيًا ما أنزل الله به من سلطان.
– وأشرك ١٪ من المسلمين، القرآنيّين والملحدين، مع كتاب الله هواهم الجاهل بلغة القرآن العربية وأساليبها البيانية.
(ج): فلماذا لا يريد المسلمون التعامل مع «القرآن وحده»، بأدوات الفهم المستنبطة من آياته؟!
لماذا تريد الأغلبية العظمى من المسلمين إشراك «الروايات المذهبية» المحرفة لآياته، وتريد القلة إشراك القراءات الإلحادية المعاصرة لإسقاط أحكامه؟!
(د): ألم تطلب ملل الكفر من رسول الله محمد أن يُشرك مع القرآن ما يمدح توجهاتهم الكفرية الإلحادية، وألا تنزل آيات تذمهم وتتوعدهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة؟!
٤- «نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ – وَإِذْ هُمْ نَجْوَى – إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ – إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً»
إن الله تعالى يعلم بأي وجه يستمعون القرآن ورسول الله يتلوه عليهم، وبما يتناجون به، وهو وجه التكذيب والاستهزاء، وهم يحذرون الناس من اتباع رسول الله بدعوى أنه «رَجُلٌ مَّسْحُورٌ»:
(أ): إنه الاتهام الذي يوجه لكل من يصدع بالحق في وجوه الناس، ويعتبرونه «مجنونًا»، فتدبر «الحجر / ٦»:
* «وَقَالُواْ – يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ – إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ»
(ب): ولذلك قال الله تعالى بعد ذلك:
* «انظُرْ – كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ – فَضَلُّواْ – فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً»
لقد ضلوا صراط ربهم المستقيم، «فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً» إلى معرفة الحق، وهذا هو حال كل من لم يدخل في «دين الإسلام» من الباب الصحيح، وأصر أن يعيش حياته الدينية حسب قناعته الشخصية الجاهلة.
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى