نحو إسلام الرسول

(1867) 18/7/2021 هل يمكن أن تحمل مرويات الرواة معجزات؟!

يقول الله تعالى لرسوله محمد، عليه السلام:
* «قُل – لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ – وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ»
فهل يُعقل، بعد أن يعلن رسول الله على الناس ذلك، أن يحدثهم عن أشياء تحدث في المستقبل، سواء في حياته أو بعد وفاته؟!
فإذا ذهبنا إلى قول الله تعالى:
* «عَالِمُ الْغَيْبِ – فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا – إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ – فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا»
نجد الآية تحمل استثناءً من القاعدة العامة التي حملتها الآية السابقة، يتعلق بإخبار «الرسل» عن بعض أمور الغيب الخاصة بفعالية «الرسالات الإلهية» بين الناس.
وتؤكد الآية على أن ما يَطّلع عليه الرسل من أمور الغيب، يكون محفوظا بحفظ الله له من جميع الجهات، فـ «الرصد» جمع راصد وهو ما يصون الشيء من كل سوء.
والسؤال:
هل أقام الله تعالى لقوم رسوله محمد، البرهان على صدق «نبوته»، على أساس «حديث الله» أم على «حديث الله» و«حديث رسوله»؟!
والجواب:
* «تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ»:
– «فَبِأَيِّ حَدِيثٍ – بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ – يُؤْمِنُونَ»؟!
فإذا جاءت «رواية» تحمل على سبيل المثال إعجازًا علميًا أو طبيًا كرواية:
«إذا وقع الذباب في شراب أحدكم – فليغمسه ثم لينزعه – فإن في أحد جناحيه داء – وفي الآخر شفاء»
ثم يثبت العلم صحة مسألة الداء والشفاء، فاعلم أن هذا الخبر وإن كان بوحي من الله لرسوله لظروف خاصة ببيئة وعصر التنزيل، فإنه لا يكون دليلًا مطلقًا على صدق «نبوة» رسول الله محمد بعد وفاته، وبرهان ذلك فيما يلي:
# أولًا:
يجب أن نعلم أن «الآيات الحسية» التي أيد الله بها رسوله محمدًا لا تكون حجة إلا (في حياته)، ولا قيمة إيمانية لها (بعد وفاته) إلا إذا أشار إليها النص القرآني، مثل:
١- «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً … (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ»
٢- «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ – وَإِن (يَرَوْا آيَةً) يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرّ»
٣- «فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى – مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى – (أَفَتُمَارُونَهُ) عَلَى مَا يَرَى»
* فلا «قيمة إيمانية» فيما نقله الرواة من «آيات حسية» منسوبًا إلى رسول الله، ذلك أن «الآيات الحسية» حجة على من شاهدها فقط.
# ثانيًا:
يجب أن نعلم أن رسول الله محمدا، عليه السلام، لا يعلم الغيب، إلا إذا وجد نص قرآني يشير إلى اطلاعه على الغيب، كقول الله تعالى:
١- «قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا – قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ»
٢- «وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ – إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ»
* فلا «قيمة إيمانية» لـ مرويات الرواة المتعلقة بمسائل غيبية تحدث (بعد وفاة رسول الله) لم يشر القرآن إليها، وإن حدثت من باب فتنة الذين في قلوبهم مرض.
# ثالثًا:
لقد افترى أتباع كل رسول عليه الكذب، ونسبوا إليه ما لم يأذن به الله تعالي:
١- «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ – إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى – أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ»
فكل رسول يتمنى أن ينتشر الحق بين الناس، فيأتي الشيطان ويقف عقبة أمام ذلك، ويوحي إلى أتباع الرسول بـ «روايات» ييسر الله للرواة نقلها ونسخها ونشرها بين الناس، ويحفظ الله آياته:
٢- «فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ – ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ – وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»
وهذا ما فعله «الشيطان» مع أتباع رسول الله محمد، ولكنه أراد أن يجعل حجية «الروايات» من حجية «الآيات» فأوحى إليهم بـ «روايات» تحمل معجزات مستقبلية «بإذن من الله» لتكون فتنة للذين في قلوبهم مرض:
٣- «لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ – فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ – وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ – وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
وهذا ما نجح الشيطان في إلقائه في قلوب المسلمين، فأصبحوا يؤمنون بأن حجية «الروايات»، التي دونت بعد وفاة الرسول بقرنين، مثل حجية «الآيات»:
* بدعوى أن الروايات «الأحاديث» تحمل معجزات مثل «القرآن»، وعليه يصبح دين الله عبارة عن «كتاب وسُنّة».
أما «الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» فيعلمون أن البرهان على صدق «نبوة» رسول الله محمد هو «الكتاب وحده»:
٤- «وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ – (أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ) – فَيُؤْمِنُوا بِهِ – فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ – وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
# رابعًا:
١- إن الإشارات العلمية، والإخبار عن أمور غيبية مستقبلية، لإثبات صدق «نبوة» رسول الله محمد، لا يحملها غير «القرآن»، فتدبر:
* «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا – فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ – حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ (أَنَّهُ) الْحَقُّ – أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ – أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
٢- إن القرآن نفسه، جعله الله فتنة للظالمين والذين في قلوبهم مرض:
* «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ – مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ – وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً»
فاحذروا من «فتنة إبليس»، الذي شاء الله أن يتركه يساوي بين حجية «الرواية» وحجية «الآية»، للتفريق بين المؤمنين الصادقين والمؤمنين الكاذبين:
* «أَحَسِبَ النَّاسُ – أَن يُتْرَكُوا – أَن يَقُولُوا آمَنَّا – وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ»
* «وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ – فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا – وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ»
٣- اعلم أن الله تعالى جعل لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن:
* «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً»:
* «شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ»:
* «يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً»
– وتدبر جيدًا قول الله تعالى بعد ذلك:
* «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ – فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ»
إذن فما يحدث بين «شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ» من اتصال واستعانة على أمور معينة:
* «وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ – يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ – فَزَادُوهُمْ رَهَقاً»
يحدث بإذن الله وأمره، والسبب:
* «وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ – وَلِيَرْضَوْهُ -وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ»
والخلاصة:
(أ): «أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً – وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً – وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ – فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ»
(ب): «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً – لاَ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ – وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»
– وحتى لا تُفتن بـ «الأكثرية»:
* «وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ – يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ – إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ – وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ»
– واعلم أن الذي قال لك الحقيقة السابقة هو الله تعالى:
* «إِنَّ رَبَّكَ – هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ – وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى