نحو إسلام الرسول

(1773) 16/4/2021 لغة القرآن وأساليبها البيانية البلاغية [٣]

كم عدد المسلمين الذين يحفظون سورة «الضحى»، رجالًا ونساءً وأطفالًا، وكم منهم الذين يعلمون لماذا اختلفت إيقاعات الحروف التي ذُيّلت بها الكلمات الأخيرة من آياتها؟!
١- لماذا لم نتعلم في طفولتنا لغة القرآن، ولماذا لا يُعلّم الآباء اليوم أولادهم لغة القرآن؟!
٢- ولماذا أصبح الأولاد يدرسون العلوم بلغة غير عربية، ويلعبون الألعاب الإلكترونية بلغة غير عربية، وإذا كان الآباء قد فاتهم قطار اللغة العربية، فلماذا يُصرون على منع أولادهم من ركوبه؟!
٣- إن مرحلة الطفولة تربة خصبة للزّراعة، بشهادة علماء العالم، ولها تأثير كبير على لغة الطفل وسلوكه الأخلاقي، وتقع المسؤولية الأولى على البيئة التربوية التي ينشأ فيها الطفل، ودور الأم في ذلك دور أساس.
إن الطفل الذي يرتضع مع لبن أمّه إيمانها وخشوعها، ونور القرآن الذي يملأ قلبها، غير الطفل الذي لا يستفيد من أمه غير لبنها ورعايتها له الرعاية التي تقوم بها أمهات العالم أجمع.
٤- وإذا كان هذا هو واقع الجيل الجديد، بدعوى مسايرة التقدم الحضاري، فماذا سيقول الآباء لله يوم القيامة عندما يسألهم عن قوله تعالى:
* «وَالَّذِينَ آمَنُوا»:
– وهل هناك «إيمان» بغير اتباع القرآن؟!
* «وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ»
– وهل هناك «اتباع» يقبله الله تعالى بغير علم؟!
* «أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ»
– وهل ممكن أن يقبل الله وساطة الآباء ليدخل أولادهم معهم الجنة؟!
* «وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ»
* «كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ»؟!
٥- لقد طلب نوح، عليه السلام، من ابنه أن يركب معه السفينة:
* «يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ … فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ»
فهل قبل الله تعالى وساطة نوح ليغفر لابنه:
* «وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ»
– إن الله تعالى «لم – ولن» يقبل وساطة «شفاعة» أحد لأي إنسان مات «كافرًا»:
* «قَالَ يَا نُوحُ»:
* «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ»
* «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ»
* «فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ»
* «إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ»
وها أنا اليوم «١٦-٤-٢٠٢١» أذكركم بوجوب تغيير «ما هو كائن» إلى «ما يجب أن يكون»، إن كنتم تريدون وأولادكم دخول الجنة:
* «وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ – وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»
٦- إن معظم المسلمين لا يعلمون كيف يتعاملون مع القرآن، باعتباره «آية إلهية» دالة على صدق «نبوة» رسول الله محمد، عليه السلام، وليس باعتباره كتابًا إلهيًا، كالكتب الإلهية السابقة التي لا وجود لها اليوم.
إن معظم المسلمين لا يعلمون شيئًا عن «علم البيان»، الذي هو المحور الأساس الذي تدور حوله «لغة القرآن»:
إنهم يقرؤون القرآن ككتاب تاريخ يحمل بعض المواعظ الأخلاقية، ويطلب كاتبه منهم الالتزام بنظام معيشة وفق ضوابط معينة، تماما كالإنسان الذي يتبع نظامًا غذائيًا معينًا «رجيمًا»، ثم إذا به يُقيم الدنيا ولا يقعدها إذا أخل يومًا بهذا النظام:
* «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ – وَالأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ – وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»
٧- هل إذا سألت ابنك عن هذه الآية:
* «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيـ (دًا)»
* «وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُو (دًا)»
* «وَبَنِينَ شُهُو (دًا)»
* «وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيـ (دًا)»
* «ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيـ (دَ)»
* «كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيـ (دًا)»
* «سَأُرْهِقُهُ صَعُو (دًا)»
وقلت له:
لماذا انتهى إيقاع الآيات كلها بـ «دًا»، باستثناء آية واحدة جاء إيقاعها بـ «دَ» فقط؟!
والجواب:
لقد خُتمت الآيات كلها بالإيقاع الذي يحمل «الدال» الموصولة بـ «الألف»:
«ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا – وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا – وَبَنِينَ شُهُودًا – وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا»
لبيان فعالية أسماء الله الحسنى، التي لا تنقطع ولا تتوقف عن العطاء، ولكن هذا الكافر يريد زيادة العطاء دون أن يُقدم ما يبرره، فجاء إيقاع الآية المتعلقة بذلك:
* «ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ»
مخالفًا للإيقاعات السباقة لبيان أن عطاء الله ممكن أن يتوقف، فكان مناسبًا ألا تأتي «الدال» الموصولة بـ «الألف» في الكلمة الأخيرة «أَزِيدَ»، وأن يكون الوقف عليها بالسكون.
ثم عاد إيقاع الآيات إلى ما كان عليه بـ «الدال» الموصولة بـ «الألف»، فقال الله تعالى زجرًا عن طمعه:
* «كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا – سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا»
# إن ما سبق بيانه قطرة من بحر القرآن الذي لا ينفد:
* «قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي – لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي – وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً»
فمتى يتعلم أولاد المسلمين لغة القرآن وأساليبها البيانية، وهم الجيل القادم؟!
محمد السعيد مشتهري
أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى