نحو إسلام الرسول

(1194) 10/11/2018 هل قرأ «عدنان إبراهيم» يومًا «وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»؟!

هل يمكن أن تدخل «أُمَّةٌ» من «أَهْلِ الْكِتَابِ» في «دين الإسلام» وتبع رسول الله محمد، وتقيم الشعائر، ويظل أفرادها يحملون اسم «أهل الكتاب»؟!

نعم لقوله تعالى في «الآيتين ١١٣-١١٤» من سورة آل عمران:

* «لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ»

* «يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ»

* «وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ»؟!

– مع ملاحظة:

أن قوله تعالى «يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ» من الأساليب البيانية التي تنص على «البعض» ويكون المقصود به «الكل» والذي هو «أصول الإيمان الخمسة»:

* «وَمَن يَكْفُرْ (بِاللّهِ) – وَمَلاَئِكَتِهِ – وَكُتُبِهِ – وَرُسُلِهِ – (وَالْيَوْمِ الآخِرِ)»

فالبعض هنا: «بِاللّهِ …. وَالْيَوْمِ الآخِرِ»

أولًا:

إن هذه «الأمة القائمة» موجودة على مر الرسالات، وعلى مر العصور، «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ».

منهم:

١- من تمكّنوا من إعلان إسلامهم واتباع الرسول المرسل، كلٌ في عصره، وهؤلاء أصبحوا من «الَّذِينَ آمَنُوا».

٢- من لم يتمكّنوا من إعلان إسلامهم وينتظرون الفرصة لإعلانه، كمؤمن آل فرعون، الذي كان يعيش في بيت فرعون وهو يكتم إيمانه بموسى عليه السلام:

* «وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ …».

٣- من يخاطبهم الله باعتبار الحال الذين كانوا عليه من قبل.

وهو أسلوب من الأساليب البيانية البلاغية التي عرفها العرب ونزل القرآن يخاطبهم بها، كقوله تعالى:

أ – «وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ» – «وَابْتَلُوا الْيَتامى»

إن «اليتيم» من مات أبوه، وأصبح تحت رعاية الكفيل، سواء كان فردًا أو مؤسسة، فإذا استغنى عن «الكفالة»، لم يعد «يتيمًا».

ومع ذلك سمّاهم الله «الْيَتَامَى» باعتبار حالة «اليتم» التي كانوا عليها من قبل، لأن من بلاغة الأسلوب القرآني ألا تأتي الجملة هكذا: «وآتوا الذين كانوا يتامى أموالهم»

ب – «فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ»

إن الطلاق يقطع «الرابطة الزوجية» بين المرأة ومن «كان زوجها»، ومع ذلك سمى الله المرأة «المطلقة»، التي يريد «من كان زوجها» أن يعود إليها، سمّاها زوجًا «يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ» باعتبار ما كان من قبل.

لأن من بلاغة الأسلوب القرآني ألا تأتي الجملة هكذا:

«أن ينكحن أزواجهن الذين كانوا أزواجهن»

وفي ضوء هذه الأساليب البيانية، وبتدبر المثالين «٢، ٣»، نفهم «الآيتين ١١٣-١١٤» من سورة آل عمران.

ثانيًا:

لقد غابت هذه الأساليب البلاغية عن «عدنان إبراهيم»، وعن الملحدين في أحكام القرآن، وغاب عنهم أن الله عندما «كنّى» عن الذين دخلوا في دين الإسلام بـ «أَهْلِ الْكِتَابِ» ذكر في نفس سياق الآيتين ١١٣-١١٤ من سورة آل عمران، ما تحلوا به من صفات لم يصف بها إلا المؤمنين برسوله محمد، عليه السلام:

١- لقد جاءت هذه الأوصاف من باب ذكر «الأخص» المراد به «الأعم»، وهذا «الأعم» هو الأصول والقواعد التي قام عليها «دين الإسلام» الذي حمله جميع الرسل للناس.

ولقد كان رسول الله محمد خاتم النبيّين الذي حمل رسالة الله للناس جميعًا، فقال تعالى «الآية ١٥٨» سورة الأعراف:

* «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ»

* «فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»

والسؤال:

– أليس «اليهود والنصارى» هم الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى «الآية ٦٢» من سورة البقرة:

* «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»؟!

– أليس «اليهود والنصارى» من الذين ناداهم الله بـ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»؟!

– أليس «اليهود والنصارى» من الذين يدّعون أنهم مؤمنون بالله «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ …»؟!

فلماذا لم يستكمل «اليهود والنصارى» هذه المنظومة الإيمانية، ولقول الله تعالى بعدها:

«فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ – النَّبِيِّ الأُمِّيِّ – الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ – وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»

ألم يقرأ «عدنان إبراهيم» يومًا جملة «وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»؟!

ألم يفهم «عدنان إبراهيم» الفرق بين «فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ»، وبين «وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» لذلك أفتى بدخول «اليهود والنصارى» الجنة بـ «الإيمان» برسول الله محمد فقط «دون اتباعه»؟!

ثالثًا:

ألم يدرس «عدنان إبراهيم» يومًا مفهوم «الإيمان بالله» وأنه يعني «الطاعة المطلقة» لكل ما أمر الله به في كتابه الخاتم القرآن العظيم؟!

ألم يأمر الله المؤمنين بعدم اتخاذ «اليهود والنصارى» أولياء؟!

والسبب: أنهم «قَوْمٌ ظَالِمُون» فقال تعالى:

* «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ – لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء – بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ – وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ – إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»

فكيف يُدخل الله «الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» الجنة يا «عدنان»؟!

وهل يُدخل الله «الْقَوْمَ الْفَاسِقِين» الجنة؟!

ألم تقرأ يا «عدنان» يومًا قوله تعالى «الآيات ٨١-٨٥» من سورة آل عمران:

* «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ»

* «ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ»

* «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ»

* «قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي»

* «قَالُوا أَقْرَرْنَا»

* «قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ»

* «فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»

فهل آمن «اليهود والنصارى» برسول الله محمد:

* «وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ»؟! الأعراف / ١٥٧

إن هذه «الصورة البيانية» التي رسمتها «الآية ٨١ من سورة آل عمران»، تفترض أن النبيّين «موسى وعيسى» كانا معاصرين لرسول الله محمد في عصر التنزيل، وأنهما آمنا به واتبعا كتابه.

والحكمة من ذلك:

أن يعلم «اليهود» الذين يدّعون اتباعهم لـ «موسى».

وأن يعلم «النصارى» الذين يدّعون اتباعهم لـ «عيسى».

بأن أنبياءهم لو كانوا معاصرين لرسول الله محمد لاتبعوه لأنه يحمل «دين الله» الحق الذي بشّرت به «التوراة والإنجيل».

لذلك قال تعالى بعدها:

* «أَفَغَيْرَ (دِينِ اللَّهِ) يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»

ثم بيّن الله أن من «أصول الإيمان» التي قام عليها «دين الله» الحق، وحملها رسوله محمد للناس، هي:

* «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ – وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا – وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ – وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ – لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ – وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»

تدبروا جيدًا هذه الآية التي ترد على «الشحرويّين» الذين جعلهم «الهوس الديني» يقولون «إن الإسلام يسبق الإيمان»!!

وسبب قولهم هذا:

أنهم إذا لم يردّدوا ما قاله «شحرور» كـ «الببغاوات» سقطت الأصول والقواعد التي أقام عليها قراءاته الإلحادية كلها.

رابعًا:

إن «الإسلام»، و«التسليم»، لا يكونان إلاّ عن «إيمان قلبي»، ولذلك يستحيل أن يحدث من إنسان لم يؤمن أصلا بالله تعالى.

فإذا آمن الإنسان بالله، وأقر بأصول الإيمان الخمسة، يكون من مقتضى ذلك «الإسلام» و«التسليم» لكل أمر إلهي حمله هذا القرآن، ولذلك قال تعالى بعدها:

* «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً – فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ – وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ»

١- إن «الْدِين»: هو النظام والقانون الحاكم لأي شيء، فقال تعالى في سياق الحديث عن قصة يوسف، عليه السلام:

* «مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ»

أي في نظام وجزاء وشريعة الملك.

فإذا وُصف «الْدِين» بـ «الإسلام» أصبح هو «النظام الإلهي» القائم على «أحكام القرآن»، والذي يجب أن يحكم حياة الناس.

٢- ولماذا لم يقبل الله من «الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ» دينهم الذي كانوا عليه في عصر التنزيل، فقال تعالى «الآية ١٩» من سورة آل عمران:

* «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ – وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ – إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ – بَغْياً بَيْنَهُمْ – وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ – فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»؟!

لقد بدأ «الآية» بأداة الحصر «إِنَّ» ليعلم الناس جميعًا أن «دين الإسلام» أصبح محصورًا فيما أنزله الله على رسوله محمد.

ثم بدأ بيان اختلاف علماء أهل الكتاب، «الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ»، بـ «وَمَا» للكشف عن حقيقة تدينهم الباطل، واختلافهم حول رسلهم، وحول كتبهم، فتدبر:

* «وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ…»!!

٣- ولقد بيّن الله أن الدافع وراء هذا الاختلاف هو البغي «بَغْياً بَيْنَهُمْ»، ثم بيّن أن الحكم في «اليهود والنصارى» الذين اختلفوا وتفرقوا في «دين الله» وأنكروا ما بشّرت به كتبهم ببعثة رسول الله محمد، هو «الكفر»، فقال تعالى:

«وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ»

والسؤال:

أليس في هذه الآيات تحذير للمسلمين، أتباع رسول الله محمد، من الاختلاف والتفرق في الدين، «مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ» وهو قوله تعالى:

* «وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ»

وقوله تعالى:

* «… وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»

ألم يفعل «المسلمون» مثل ما فعل «أهل الكتاب»، وتفرقوا في «دين الله» إلى فرق عقدية وفقهية، وسفك بعضهم دماء بعض، في أحداث الفتن الكبرى «بَغْياً بَيْنَهُمْ»؟!

فلماذا لم يخلع «عدنان إبراهيم»، هو وأصحاب القراءات العصرية والمستنيرة، «ثوب فرقة أهل السنة والجماعة»، ولم يلبسوا إلى يومنا هذا «ثوب إسلام الرسول»؟!

وللموضع بقية

محمد السعيد مشتهري

أحدث الفيديوهات
YouTube player
تعليق على مقال الدكتور محمد مشتهري (لا تصالحوهم ولا تصدقوهم)
* خالد الجندي يتهم ...
محمد هداية لم يتدبر القرآن
لباس المرأة المسلمة
فتنة الآبائية
الأكثر مشاهدة
مواقع التواصل الإجتماعى